ثمة تقاطعات تصل حد التطابق بين الكيان الصهيوني، والولايات المتحدة الأميركية في أيديولوجيا العدوان، وتصنيع عدو مفترض يجب ألا يغيب عن الحضور وتوجيه الأنظار إليه بشكل دائم ومستمر، وإذا ما كان التطابق في النشأة أيضاً فهو سيبقى في ممارسات العدوان ليكون أبعد من نزعة عابرة قد تفرضها أحداث ووقائع، بل لنقل مرحلة ما، يصل الأمر إلى أن يكون طبيعة وتكويناً جوهرياً في هذه الكيانات التي طرأت على المشهد العالمي وصارت دولاً وامبرطوريات بقوة السلاح والدم.
واشنطن التي أعلنت سابقاً أن الاتحاد السوفييتي (الشيوعية) هي العدو، وبعد انهياره توجهت إلى صناعة التطرف ونشره في العالم العربي والإسلامي، والاستثمار فيه، وعلى ما يبدو أنه قد أفلس تماماً بفعل صمود الشعب السوري، وقدرته على تعرية هذه الصناعة وتفكيكها، وإظهار الخبث الغربي الذي تقوده واشنطن في هذا المجال، هذه حقيقة على العالم أن يعترف بها، وهو مدين لسورية قيادة وشعباً وثقافة وحضارة، لأنها كشفت هذا كله أمام الرأي العام العالمي بغض النظر عن الموقف السلبي مما يجري.
في جديد البحث عن عدو، التصعيد مع الصين والعمل على افتعال حرب تجارية تريد من خلالها واشنطن ليس فقط تهيئة الأميركيين لتقبل الحروب كما فعلت سابقاً، بل جعلهم كما يشير تشومسكي يطالبون بها، كونها كما تسوق الإدارة الأميركية تمس جوهر حياتهم وعملهم، وتهدد وجودهم، وتعطل مصالحهم التي هي الأغلى عندهم، ومن مبدأ قامت عليه أميركا، دعه يعمل دعه يمر وترجمته الثانية في الفلسفة التي رسمت سياساتهم الخارجية (الغاية تبررالوسيلة) ليس المهم الطريق إلى الربح، هل يقوم على الحصار والتجويع، والقهر والظلم، بل المهم الربح الذي هو الهدف.
اختراع العدو وتصنيعه هذه المرة قد يكون أكثر خطورة ليس على العالم الذي تحاربه واشنطن، بل عليها نفسها، ولاسيما إذا ما وصلت الأمور إلى حد المأزق الذي لامفر منه إلا بالتخلي عن هيمنة الدولار كعملة عالمية في المعاملات التجارية، وربما لن يطول الأمر حتى يحصل ذلك ولو جزئياً.
البقعة الساخنة – ديب علي حسن