الثورة أون لاين – ترجمة ميساء وسوف:
تبدو العلاقات الصينية الأمريكية حالياً في أدنى مستوياتها منذ عقود، وليس من الواضح حتى الآن ما إذا كانت الإدارة الأمريكية الجديدة ستتمكن من إحيائها وخصوصاً بعد فشل محادثات آلاسكا، والتي تُعتبر أول محادثات رفيعة المستوى بين الطرفين منذ تولي الرئيس جو بايدن منصبه في كانون الثاني من العام الجاري.
ففي تصريح لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن قال فيه إنه رغم أن علاقة أمريكا بالصين لها بعض الجوانب “العدائية”، إلا أنها تملك من جهة أخرى بعض الجوانب “التعاونية”، ومع ذلك لم تظهر في قمة آلاسكا أي مؤشرات تدل على التعاون على الإطلاق، فقد تبادل بلينكن ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان انتقادات علنية مع المسؤولين الصينيين.
وقال بايدن إنه فخور ببلينكن لجلوسه في هذا الجو المشحون “المعادي لأمريكا” حسب زعمه، كما أنّه أقر في الوقت ذاته بأن القمة لم تكن بداية رائعة لعلاقة إدارته بالصين، ويبدو الآن أن الأمل هو أن يحظى جون كيري، المبعوث الرئاسي الأمريكي الخاص للمناخ، بمزيد من الحظوظ في المحادثات المقبلة مع نظيره الصيني في قضية أعرب فيها الجانبان عن رغبتهما في التعاون.
لكنّ المطلوب حقاً هو أن يكون هناك حوار أوسع، ففي الاجتماع الأخير للحوار الاستراتيجي والاقتصادي بين الولايات المتحدة والصين، الذي عقد في بكين في عام 2016 ، ضمّ الوفد الأمريكي وزيري الخارجية والخزانة، واللذين كانا مسؤولين عن قضايا عديدة مثل سياسة المناخ وسلامة المحيطات ومكافحة الإرهاب، وعدم الانتشار النووي، والأمن الغذائي، وممارسات سلسلة التوريد المعدنية، وتمّ التوصّل إلى اتفاقيات في جميع القضايا.
فإذا تم إجراء مثل هذا النوع من الحوار الواسع بين الولايات المتحدة والصين اليوم، فكيف سيبدو الجانب الأمريكي، حيث ستجلس وزيرة الخزانة جانيت يلين بجانب بلينكن.
كما ستحضر أيضاً العديد من النساء الأخريات مثل وزيرة التجارة جينا ريموندو، والممثلة التجارية كاثرين تاي، ورئيسة مجلس المستشارين الاقتصاديين سيسيليا روس، ومستشارة البيت الأبيض الوطنية للمناخ جينا مكارثي، وهي أول من تشغل هذا المنصب، وسامانثا باور، المدير القادم للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وسينضم إليهم أيضاً مدير وكالة حماية البيئة مايكل ريغان ووزير الصحة والخدمات الإنسانية كزافييه بيسيرا والمدعي العام ميريك جارلاند.
إنّ مثل هذه المجموعة المتنوعة من المسؤولين الأمريكيين، تشكّل النساء أكثر من نصفهم، والتي ستواجه مجموعة من المسؤولين الصينيين من شأنها أن تشكل صورة مذهلة، لكنّ الأمر لا يتعلق فقط بالشكل العام، بل في وضع مجموعة أكثر تنوعاً، بما في ذلك العديد من النساء المؤهلات بشكل استثنائي في طليعة المشاركة الأمريكية الصينية الأمر الذي يمكن أن يساعد في تغيير لهجة المناقشات وكسر الجمود.
وفي سياق مماثل، يمكن للولايات المتحدة أن تقترح حواراً ثنائياً حصرياً حول قضايا الأمن السيبراني وخصوصية البيانات، بالإضافة إلى الحوارات المخطط لها حول قضايا مثل تغير المناخ، وهنا ستهيمن النساء مرة أخرى على الجانب الأمريكي من الطاولة، ومن بينهم آن نيوبيرغر نائبة مستشار الأمن القومي للتكنولوجيا الإلكترونية والناشئة، وجين إيسترلي التي تنتظر تأكيد مجلس الشيوخ لتعيينها كمدير إلكتروني وطني، وميكي إيويانغ نائب مساعد وزير الدفاع لسياسة الإنترنت، كما سيحضر المؤتمر شانون كو وجنيفر داسكال وميلاني هارت وسينثيا كاراس.
إن جعل هؤلاء النساء الوجه العام للحوار الأمريكي حول السياسة الإلكترونية بين الولايات المتحدة والصين سيكون مفيداً للنساء في كل مكان، علاوة على ذلك ، فإن السعي المتزامن لإجراء حوارات مستهدفة متعددة من شأنه أن يسلط الضوء على تعقيد العلاقة الثنائية وأهمية التعاون في مجموعة واسعة من القضايا.
فعندما كانت هيلاري كلينتون وزيرة للخارجية الأمريكية، كانت العلاقة مع عضو مجلس الدولة الصيني داي بينغو، تستند جزئياً إلى التزامهما المشترك تجاه أجيال البلدين مستقبلاً، وقد ساعدت تلك العلاقة الولايات المتحدة والصين على تجاوز أزمة دبلوماسية كبرى، واليوم يجب أن يحتل بناء مثل هذه العلاقات الأولوية القصوى لقادة الولايات المتحدة، ويمكن لهذا الجهد أن يُبنى على العلاقات التي يتم إنشاؤها من خلال الحوارات غير الرسمية.
فعلى سبيل المثال، عندما كانت تُعقد قمة ألاسكا، اجتمعت نساء من الولايات المتحدة والصين وأوروبا عبر Zoom لإجراء مناقشة خاصة حول الرقابة على الإنترنت، هذه المجموعة التي تضم أجيالاً متعددة من المسؤولين الحكوميين والأكاديميين وقادة الأعمال والمستثمرين والصحفيين، تجتمع بانتظام لإجراء محادثات صريحة وغير رسمية حول بعض الموضوعات الأكثر إلحاحاً اليوم، من شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة إلى ضوابط التصدير والتكنولوجيا الحيوية، ويمكن أن تكون هذه العلاقات مفيدة للغاية للحكومات، لكن التعاون بشأن تغير المناخ، فضلاً عن الأوبئة والجرائم الإلكترونية والتهديدات المشتركة الأخرى يظل أمراً بالغ الأهمية وله الأولوية في المناقشات.
ويمكن للولايات المتحدة تحقيق التوازن الصحيح بين الجوانب العدائية والتعاونية لعلاقتها مع الصين، من خلال حوار واسع أو متعدد الجوانب فقط، وأن يكون بقيادة مجموعة مختلفة من الوجوه ومدعوم بعلاقات شخصية أعمق.
المصدر : Project Syndicate