الثورة أون لاين – ريم صالح:
هل وصلت المفاوضات المصرية السودانية الأثيوبية حول سد النهضة إلى طريق مسدود، أم أنه لا يزال هناك بصيص نور في نهاية نفق المحادثات المظلم؟، وعلى من يقع اللوم في سياسة المماطلة، والتسويف، والاكتفاء بآلية تفاوضية شكلية، وغير مجدية؟، ألم يحن الوقت لتوضع النقاط على الحروف، ويتم بالتالي الاتفاق على آلية عادلة، ومتوازنة، وملزمة قانوناً حول السد تحقق مصالح مصر والسودان وإثيوبيا على حد سواء؟، ثم ألا يمكننا أن نعتبر خطوات إثيوبيا الأحادية بخصوص السد انتهاكاً صريحاً للقانون الدولي؟، وهل ستظل المفاوضات تراوح مكانها، أم أننا يمكننا أن نقول إن القادم أسوأ؟.
في الإجابة عن هذه الأسئلة فإن الجانب المصري قدَّم وجهة نظره على الطاولة، ورحب بكل المبادرات التي طرحت في سبيل تسوية هذه الأزمة المتصاعدة، وكذلك الجانب السوداني، وتم ذلك برعاية ووساطة إفريقية، ولكن الجانب الإثيوبي كان دائماً يصرُّ على العودة إلى المربع الأول، لتصطدم كل الحلول بحائط مسدود.
وزارة الخارجية المصرية في هذا الصدد أكدت أن إثيوبيا رفضت المقترح الذي قدمه السودان وأيدته مصر بتشكيل رباعية دولية تقودها جمهورية الكونغو الديمقراطية، التي ترأس الاتحاد الإفريقي للتوسط بين الدول الثلاث كما أنها رفضت أيضاً أي إثيوبيا خلال الاجتماع كافة المقترحات والبدائل الأخرى التي طرحتها مصر وأيدتها السودان، من أجل تطوير العملية التفاوضية لتمكين الدول والأطراف المشاركة في المفاوضات كمراقبين من الانخراط بنشاط في المباحثات، والمشاركة في تسيير المفاوضات، وطرح حلول للقضايا الفنية والقانونية الخلافية.
كما رفضت إثيوبيا مقترحاً مصرياً تم تقديمه خلال الجلسة الختامية للاجتماع الوزاري ودعمته السودان، بهدف استئناف المفاوضات بقيادة الرئيس الكونغولي وبمشاركة المراقبين وفق الآلية التفاوضية القائمة، الأمر الذي اعتبرته مصر يكشف مجدداً غياب الإرادة السياسية لدى إثيوبيا للتفاوض بحسن نية، وسعيها للمماطلة والتسويف من خلال الاكتفاء بآلية تفاوضية شكلية وغير مجدية، ما سيؤدي إلى تعقيد أزمة سد النهضة وزيادة الاحتقان في المنطقة.
وتأتي المخاوف المصرية مع قلق من تهديد حصتها المائية السنوية (55.5 مليار م³)، وتسعى مباحثاتها الفنية إلى الإبقاء عليها في سنوات ملء وتشغيل السد، وهو ما تراه إثيوبيا حسب زعمها مساسًا بسيادتها وحقوقها في التنمية وتوليد الكهرباء، دون الوصول لحل مرضٍ للطرفين.
وزارة الخارجية السودانية، أكدت هي الأخرى أن تعنت إثيوبيا عطل التوافق حول منهجية مشتركة لمفاوضات سد النهضة موضحة أن هناك تباعداً بين مواقف وفود السودان ومصر وإثيوبيا، وخلافاً كبيراً على مضمون البيان الختامي المشترك لجولة مفاوضات السد، التي استضافتها الكونغو، يومي الأحد والاثنين، بحثاً عن حل للأزمة المستمرة منذ سنوات.
وأضافت إن إثيوبيا رفضت طلباً بتأجيل موعد بدء المرحلة الثانية من ملء السد، والمقررة في تموز المقبل، وتوقعت انتهاء المفاوضات دون التوصل إلى أي تفاهمات أو اتفاق الأمر الذي يعتبر من وجهة نظر السودان انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي.
والجدير ذكره أن سد النهضة تم تدشين بنائه في 2011، على النيل الأزرق، قرب الحدود الإثيوبية السودانية وهو أكبر سد كهرومائي في القارة الإفريقية، وسابع أكبر سد في العالم، يبلغ ارتفاعه نحو 145 مترا، وطوله نحو 1800 أما تكلفة الإنشاء فتقارب 4.7 مليارات دولار.
وتفيد دراسات بأن السعة التخزينية الأولى للسد كانت مقدرة بـ11.1 مليار م³، قبل أن تُرفع إلى 17 مليارًا في آذار 2011، ثم 62 مليارًا مع تدشين السد، ثم 74 مليارًا، وفق كتاب “حرب المياه”، مع العلم أن السعة التخزينية تقترب من حصتي مصر (55.5 مليار م³) والسودان (18.5 مليار م³) سنويًا، والمفاوضات مستمرة منذ أكثر من 10سنوات ولا تزال حتى هذه اللحظة دون أي تقدم يذكر.