موقع روسي: لماذا لا تُحاسب أميركا والناتو على جرائمهما في ليبيا؟

الثورة أون لاين- ترجمة ليندا سكوتي:

أفضى العدوان المسلح الذي شنته الولايات المتحدة وحلفاؤها في الناتو على ليبيا عام 2011 إلى أزمة اقتصادية واجتماعية ما جعل البلاد بؤرة للمتطرفين والإرهابيين عوضاً عن “الديمقراطية والحرية” التي وعد الغرب بإحلالها.
وقد عمدت واشنطن وحلفاؤها في الناتو إلى شن غزو أجنبي على ليبيا لتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1973، الذي أتخذ قبل يومين من بدء التدخل، والجدير بالذكر أن القرار ذاته لم ينص على أي تدخل مسلح خارجي، بل دعا إلى إنهاء العنف القائم في ليبيا وفرض منطقة حظر طيران، علاوة على ذلك نص القرار على تأمين الحماية للمدنيين “دون الاستيلاء على أي منطقة”، كما لم ينطوِ على تنفيذ عمليات قصف واسعة النطاق أو قتل لأي شخصية محلية.
طرح رئيس الوزراء البريطاني آنذاك ديفيد كاميرون فكرة “منطقة حظر الطيران” في 28 شباط، وفي ذات الوقت، توجهت أول سفينتين أميركيتين نحو البحر الأبيض المتوسط، ولكن لم يناقش ذلك الإجراء في أروقة الأمم المتحدة، إلا أن عبارة “منطقة حظر الطيران” أعطت الشرعية للقاذفات والطائرات المقاتلة الأجنبية للطيران في سماء ليبيا، إذ عمدت دول الناتو إلى التلطي خلف ذرائع حماية أنفسهم من الأنظمة الجوية الدفاعية الليبية فشنت حملة قصف على كامل الأراضي الليبية بتاريخ 19 آذار عام 2011 مطلقة أكثر من 100 صاروخ توماهوك على طرابلس وحدها.
في يوم التدخل الأول، أعلن قصر الإليزيه بأن ما يجري من قصف لضواحي بنغازي يهدف إلى حماية المدينة تحسباً من سيطرة قوات القذافي عليها، علماً أن ذلك القصف لا يتعارض مع قرار الأمم المتحدة فحسب، بل يؤكد تقديم الدعم إلى أحد الأطراف المنخرطة في النزاع، ذلك الأمر الذي تدينه الأمم المتحدة، ولم يأخذ أي طرف من الأطراف الغربية بالقرار الأممي، ومنذ ذلك الحين بدأ الدمار الممنهج للمعدات العسكرية والقوى العاملة الليبية وأخذت أعداد القتلى من المدنيين بالتزايد.
نشرت صحيفة “ذا هيل” بياناً صحفياً أدلى به السيناتور الديمقراطي الأميركي دينيس كوسينيتش في آب عام 2011 يدعو إلى “محاسبة قيادة الناتو أمام المحكمة الجنائية الدولية بسبب قتل مدنيين ليبيين نتيجة القصف “، كما أكد أن تدخل القوات الأميركية في الصراع الليبي يعدّ عملاً إجرامياً.
ووفقا لما ذكرته وسائل الإعلام البريطانية والأميركية (ديلي تلغراف واندبندنت وسي إن إن) هناك قوات عسكرية أميركية وبريطانية وفرنسية وقطرية وأردنية في ليبيا، ومع ذلك أدت القوات العسكرية التابعة للناتو والتي ارتدت زي قوات محلية دوراً رئيساً في الاستيلاء على طرابلس، علماً أن الأمم المتحدة لم تسمح لحلف الناتو بإجراء أي عملية برية في ليبيا.
انطوى التدخل العسكري لقوات الناتو في ليبيا على تداعيات كارثية، فمنذ عام 2011 انهارت البلاد، واستولى على السلطة جماعات مسلحة عديدة تشكلت وفقاً للمبادئ القبلية المجتمعية، ولم تكن طائعة للحكومة في طرابلس، بل إنها كانت تحت سيطرة تنظيم القاعدة الإرهابية وحزب العدالة والبناء التابع لتنظيم الإخوان المسلمين.
لقد بلغت خسائر الميزانية الليبية قرابة 14 بليون دولار من جراء إغلاق جميع مصافي النفط في آب عام 2011، كما بلغت خسائر الناتج الإجمالي المحلي نحو 7.7 بليون دولار في خريف عام 2011، وقدرت تكلفة الدمار الناجم عن قصف حلف الناتو بنحو 14 بليون دولار.
وسرعان ما انتشرت الشرارة التي أشعلها الناتو في ليبيا كالنار في الهشيم ممتدة إلى غرب إفريقيا ولاسيما مالي، حيث ساهم سقوط نظام القذافي بقذائف الناتو بتسليح الجماعات المتطرفة من جميع الأطياف في القارة الأفريقية، ما عزز الراديكالية في عدد من المناطق.
وفي هذا السياق، أدت مشاركة الدول الغربية في الحرب على ليبيا إلى احتجاج ومظاهرات في ألمانيا وإسبانيا عام 2011.
لقد باتت خفايا تلك الأحداث أكثر وضوحاً عام 2015، عندما كشف قراصنة اخترقوا بريد وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلنتون معلومات سرية، ففي عام 2016 أقرت لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني أن الشكوك حيال القذافي والتي كانت مقدمة للحرب مبالغ بها، وأن الدافع الفرنسي كان مبنياً على المصالح القومية الفرنسية.
ذكر الخبير في منظمة إيرورز لحماية حقوق الإنسان جو دايك في مجلة فورين بوليسي بأن الناتو قتل الكثير من المدنيين الليبيين إبان تدخله في الصراع القائم في هذا البلد، ومع ذلك رفضت تلك الدول ومنها المملكة المتحدة وفرنسا والولايات المتحدة تحمل مسؤولية الأضرار الناجمة عن التدخل أو دفع تعويضات عن الجرائم المرتكبة.
إزاء هذا الواقع، نتساءل هل سيحاسب الجناة على ما اقترفوه من أعمال قتل بحق المدنيين في ليبيا، وعما ألحقوه من أضرار بهذا البلد؟.

 

 

المصدر New Eastern Outlook

آخر الأخبار
"أفراح الكرامة"... فسيفساء فنية تحتفي بالهوية السورية أيام وزان ريتا حلبي في تجربة أداء "ملف نفسي" الرواية والسينما.. تقاطعات الإبداع وجدليّة التحويل استقالة الحاج عمر من إدارة جبلة قمة فوق سوريا... مسيرات تلتقي والشعب يلتقط الصور لكسر جليد خوف التجار..  "تجارة دمشق" تطلق حواراً شفافاً لمرحلة عنوانها التعاون وسيادة القانون من رماد الحروب ونور الأمل... سيدات "حكايا سوريا" يطلقن معرض "ظلال " تراخيص جديدة للمشاريع المتعثرة في حسياء الصناعية مصادرة دراجات محملة بالأحطاب بحمص  البروكار .. هويّة دمشق وتاريخها الأصيل بشار الأسد أمر بقتله.. تحقيق أميركي يكشف معلومات عن تصفية تايس  بحضور رسمي وشعبي  .. افتتاح مشفى "الأمين التخصصي" في أريحا بإدلب جلسة حوارية في إدلب: الإعلام ركيزة أساسية في مسار العدالة الانتقالية سقوط مسيّرة إيرانية بعد اعتراضها من قبل سلاح الجو الإسرائيلي في  السويداء.. تصاعد إصابات المدنيين بريف إدلب تُسلط الضوء على خطر مستمر لمخلفات الحرب من الانغلاق إلى الفوضى الرقمية.. المحتوى التافه يهدد وعي الجيل السوري إزالة التعديات على خط الضخ في عين البيضة بريف القنيطرة  تحسين آليات الرقابة الداخلية بما يعزز جودة التعليم  قطر وفرنسا: الاستقرار في سوريا أمر بالغ الأهمية للمنطقة