النصُّ الصوفيّ وقسوة اللغة

 

الملحق الثقافي:أمين غانم :

«إن لم تشهد ما لا يقال، تشتَّت بما يقال»
« إن لم تقف وراء الوصف، أخذك الوصف»
النفري
على هذه اﻷرضيّة انطلق النصُّ الصوفيّ شعرًا ونثراً.. أرضيّة اللغة المغايرة لماضيها بمفرداتها المهدِّدة لسياقها العام، ودلالاتها العميقة المتجددة، والتي تحطِّم المعنى إلى ما تدفقه التجربة الخاصة للشَّاعر المتصوِّف، إلى ينابيعه الفيّاضة حين يتماهى مع الكون، بل هو محور الكون.
ما كان الصوفيّ ليرضى، إلا بخلخلةِ منطق اللغة اﻷصليّة، العاجزة عن التعبير عن حاله، لتصبح لغة جديدة، عميقة الطابع، رقيقة الثوب، غامضة الدلالة.
فمن إهماله اليومي، إلى اهتمامه بالجوهريّ، كان يتلقّى بخصوصٍ لينطق بخصوصٍ، كاشفاً الحجاب عن رؤياه، عن عمقِ الوجود إلى الينبوع، وينهل منه إشراقاً وكلمات تزيد الوجود اتِّساعاً وعمقاً وجوهراً.
ذاق المتصوِّف العشق وعاشه، بداية ليس لها نهاية، وحركة لا ثبات فيها، وتكلَّم بلغته وبغيابِ العقل وكساده.
والصوفيّ الحقيقيّ، اهتدى بنور قلبه الذي يملؤه المحبوب، فتكلّم بلغةِ عشق لا عقليّة، أقرب إلى الحمقِ والجنون، حيث يتوحّد بالمحبوبِ ويتماهى فيه، كأنهما كائنٌ واحد.
قال «السري السقطي»: «لا تصلح المحبة بين اثنين، حتى يقول الواحد للآخر: يا أنا.»
كان النصُّ الصوفيّ عموماً، حواراً مع المطلق بعيدًا عن شؤونِ الدنيا.. كانت لغته في حرِّيته، والحرّية جوهر الرؤيا، فالصوفيّ وقف على نوافذِ الرؤيا ليتكلّم المختلف، وكأنّه ساحرٌ يستنهض اللغة ويجوب مفرداتها، إلى وحدة التناقضات والانخطاف التام والكلّي مع الكون، في حالٍ من الضياع والجنون والشطح في النطق، فهيمنت عليه حاله، محطِّماً شرطه وقيده اﻹنساني، لامبالياً بجسده، فكانت اﻷنا عنده هي الوجود الكلّي، في اتّحادها معه كلِّياً.
كان مذهولاً بما يراه ويعيشه، ذلك الذهول اﻷعظم الذي لا يقيم للجسد حضوراً كفعلِ التخدير.
قال «الحلاج»:
اقتلوني يا ثقاتي
إنَّ في قتلي حياتي
إنَّ عندي محو ذاتي
من أجلِّ المكرمات
وبقائي في صفاتي
من قبيحِ السيئات
حاول الصوفيّ أن يؤسِّس، لنصٍّ وخطابٍ جديدين، من خلال لغةٍ عنيدة قاسية ومتسلطة، فعمل على التوليد اللغويّ، وإقامة علاقاتٍ جديدة بين تناقض الكلمات، فاللغة عموماً لا تسلّم نفسها لنصٍّ أو خطابٍ، فالصوفيّ أخذته الرؤيا والشطح والخيال، وتبقى اللغة مخلوقاً عقليّاً فكريّاً، على أيّ حال.

التاريخ: الثلاثاء4-5-2021

رقم العدد :1044

 

آخر الأخبار
استثناء الطلاب السوريين المتقدمين للشهادة اللبنانية من الحصول على الإقامة  شرطة درعا تعالج شكاوى سوق الحلال في مزيريب  MTN تبدأ بتفعيل الشريحة الالكترونية الإثنين المقبل أهال من نوى يتبرعون بـ 135 مليوناً لدعم المدارس شح بالمستلزمات ونقص كوادر صحية بمنطقة سلمية  25 يوماً مدة التقنين ببعض قرى طرطوس و " المياه " : الوضع مرتبط بتحسن الكهرباء   وزير الاقتصاد والصناعة :  ترخيص أكثر من 450 شركة محلية وأجنبية منذ بداية 2024   لتدارك انحباس الأمطار..  الخبير البني لـ"الثورة": خطة طوارئ لحماية المحاصيل الصيفية  الموزاييك الدمشقي..عراقة وأصالة الماضي   بعد لقاء صحيفة "الثورة".. احتضنته "بيت الإبداع" بالتشجيع والتكريم   تحذير أمني عاجل: حملة اختراق تستهدف حسابات WhatsApp في سوريا سوريا تبحث طباعة عملة جديدة...   تبديل العملة بداية الإصلاح أم خطر الانهيار ؟قوشجي لـ"الثورة": النجا... إخماد حريق في وادي الأشعري الذهب يعاود صعوده على وقع ارتفاع الدولار م. الأشهب لـ"الثورة": طحن الكلنكر حل مرحلي لمصانع الإسمنت المتقادمة من الثمانينيات إلى اليوم.. هل ينجح المجلس السوري - الأميركي هذه المرة؟ جامعة حمص تبحث آفاق التعاون الأكاديمي والتقاني مع تركيا الخيول العربية الأصيلة في القنيطرة رمز للأصالة والتاريخ "الفيجة" إنذار لا مركزي إصلاح أبراج التوتر المخربة مستمر بدرعا