تحقيق الآمال والطموحات عملية مركبة لها أطرافها ولا تقتصر على الجهة المسؤولة وهي هنا السلطة القائمة، فالمجتمع والأحزاب وكل القوى التي تطلق عملية تغيير في هياكلها القيادية المتسلسلة بهدف إحداث تحول بنيوي وعميق في مهامها وتحقيق وتنفيذ برامج وأهداف مرحلية أو استراتيجية لا بد لها من قوة دافعة ورافعة لتحقيق طموحاتها وهي القوى المجتمعية وبهذا المعنى تصبح قضية التفاعل مع هذه القيادات الجديدة وما تطلقه من رؤى ومبادرات وآليات وصيغ عمل مسألة أساسية وحاسمة في نجاحها في مهامها.
إن التفاؤل بالجديد والرهان عليه في تحقيق مهام محددة وآمال عريضة هو مسألة قابلة للتحقق من خلال معطيات عديدة من أهمها من وجهة نظرنا إلى جانب المجتمع بكل فعالياته وأفراده تكمن أيضا في حسن اختيار الكوادر القيادية وفق المعيارية الموضوعية الشفافة في ذلك انطلاقاً من طبيعة المهام وتوصيفها وبنك الأهداف المأمول تحقيقها أما المسألة الأخرى وهي جوهرية وأساسية في تحقيق النجاح المأمول فهي اقتران التفاؤل بالتفاعل الخلاق مع المناخ الجديد كونهما يوفران وقوداً معنوياً ومادياً ضرورياً للدفع باتجاه الأهداف المحددة يضاف إلى ذلك امتلاك تصور ووعي مشترك من أطراف عملية التغيير تلك.
إن التغيير بالمعنى المعرفي والعملي والسياسي ليس حالة عمودية فقط تصيب قمة الهرم في المؤسسة الحزبية أو السياسية وغيرها من أدوات الفعل والنشاط المجتمعي وإنما مجال أفقي يشمل المركز والأطراف أو بمعنى أدق قاعدة العمل المجتمعي بدءا من المواطن ورئيس البلدية والعامل والفلاح وربة المنزل والطالب إضافة للقيادات على مختلف مستوياتها بحيث يتشكل حراك حقيقي بحيث تنساب الفكرة الجديدة بشكل مرن وسلس وآمن ما يعني إحداث دينامية حقيقية في الوسط الاجتماعي والاقتصادي والسياسي المنتج ويعبر عنه برد فعل مناسب وحيوي، هو نشاط نوعي يكسر السكسونية أو لنقل الكسل الفكري والسياسي وثقافة العمل والإنتاج في نمطيتها السائدة.
إن الأفكار والعناوين الجديدة هي بحاجة ماسة لتفاعل مركبات الواقع معها تفاعلاً نوعياً وهذا يستلزم انسجام الفكرة مع الأداة ووعي الممارس لها بشكل صحيح فكم من الأفكار الجوهرية والبرامج النوعية كان مصيرها الفشل أو النجاح المحدود لا لقصور فيها وإنما بسبب تخلف الأدوات عن مقاربتها بشكل صحيح أو الالتفاف عليها بادعاء الحماسة لها والإشادة بمضامينها دونما تفاعل واع وخلاق وصادق مع حيثياتها.
إن الحديث عن أدوات وأفكار جديدة لا يلغي أهمية التوازن والتناسب بين المهام والصلاحيات وتوفير المستلزمات الأساسية للنهوض بالمهام ناهيك عن إيجاد مناخ حقيقي للتغيير يستدعي حتما مزاجاً عاماً يتسم بالتفاؤل الحذر يتحول بالإنجاز الفعلي إلى تفاؤل وتفاعل حقيقي مع القادم الجديد.
إضاءات- د : خلف المفتاح