الثورة أون لاين – أيمن الحرفي:
الأطفال هم زينة وروعة هذه الحياة فلا قيمة للحياة بدونهم لأنّهم رمز البراءة والعطاء والحياة، أطفالنا نور العيون ، حركاتهم سعادة لنا ، لعبهم فرح في حياتنا، طلباتهم أوامر لنا ، و لكن كل الخطأ أن يتحول هذا الاهتمام بأطفالنا وخوفنا عليهم و محبتنا لهم إلى دلال زائد و مفرط .
و في الحياة أمثلة و نماذج من الأمهات والآباء يتعاملون مع طفلهم بطرق مختلفة ، قد تعبد الأم طفلها فلا تتركه يغيب عن ناظريها و لا تطيق ان تزجره مهما فعل و ربما كانت تشعر بالوحدة و الاحباط فلا تجد شيئا يملأ عليها حياتها غير هذا الطفل المدلل، الذي تجعله شغلها الشاغل إذ تأخذه إلى اي مكان تذهب إليه و ترافقه في غدواته و روحاته و تحرم عليه اللهو بمفرده و يصبح هذا هو نمط الحياة عند هذا الطفل فتعيش شعورا طاغيا بالذنب كلما خطر بباله ان يبتعد عنها.
و تعتبر هذه الحالة من الحالات القصوى التي يمضي فيها الأبوان في خنق رغبات الطفل و منعه من تلبية الحاجات الملحة التي يشعر بها من أجل أن يجرب جناحيه و يطير و في كثير من الأحيان يفعل الوالدان ذلك باسم الحب للطفل .
إن من واجب الأهل حماية صغيرها من الاخطار المحتملة و لكن كثيرا ما يسرف الوالدان في الحيطة والحذر. و يصعب عليهما إيجاد ميزان يعملان بمقتضاه في اي ميدان من ميادين تربية الطفل و قد تشعر الأم أنه من الصعب عليها ان ترخي العنان لصغيرها و ان تتجنب المواقف القصوى اذا كانت هي نفسها قد قضت ايام طفولتها ضحية لهذا السلوك من جانب أهلها.
أم كهذه لا بد ان تكون قد كرهت حياتها و في مثل هذه الحالة تراها تقسم الإيمان المغلظة بأنها لن تفعل شيئا من هذا القبيل مع أطفالها حتى اذا صار لها طفل أو طفلة سلكت معه الناحية القصوى المقابلة فتركت لهما العنان ان يفعلا اي شيء و ان يغامرا و يتخذا القرارات بدون ارشاد وهذا يعني صعوبة إيجاد الميزان الذي يصلح لجميع الأحوال في ميدان تربية الطفل . يشعر الأطفال المدللون بخيبة أمل عند عدم تنفيذ رغباتهم و يعبرون عن رفضهم بنوبات من الغضب متمثلة بالصراخ والبكاء و لا يحب الطفل المدلل الأنشطة القائمة على مبدأ المنافسة لأنه يرى أن هناك احتمالا للخسارة مما يجعله ليس دائما الافضل و قد يحصل الأطفال المدللون على كل الألعاب و الألبسة في العالم و لكن هذا لا يكفي ابدا فهم يريدون المزيد و المزيد.
و يظهر الطفل المدلل سلوكا جيدا مع أشخاص آخرين لكنه لا يعبر عن اي امتنان لأفراد الأسرة و ينسى الطفل ان يقول شكرا و ذلك ليس عن قصد أو لأنه يريد إيذاء مشاعرك و لكنه لمجرد أنه قد اعتاد كل ما تفعله أسرته له أمر مسلم به و لا يشعرون بقيمة المال و صعوبة الحصول عليه و لا يتحملون الصبر حتى استجابة طلباتهم و يرفضون حتى إكمال المهام البسيطة حتى تستجديهم أو ترشيهم. و يتساءل محمود و هو اب لطفل افرط في دلاله، ما الحل؟ يجيب علماء النفس و التربية:( ان من الأهمية بمكان أن نعطي لأطفالنا جذورا قوية ينمون عليها ، و لكن ينبغي أن ندربهم على الطيران كي يصبحوا كالنسور المحلقة لا كالطيور المهيضة الجناح ) و هذا يرتب علينا أن نتعهد الطفل منذ حداثة سنه بالتربية الصحيحة و السليمة القائمة على غرس سلوكيات و صفات تجعله قادرا على تحمل المسؤولية و تقدير الظروف الأسرية و بالتالي دخول المجتمع متسلحا بما زرعه الوالدان من خبراتهم و تجاربهم.