الثورة – مها دياب:
ضمن أجواء مليئة بالبهجة والروحانيات، يحتفل المسيحيون في سوريا بعيد الفصح المجيد، الذي يعتبر أحد أبرز المناسبات الدينية في التقويم المسيحي.
واليوم تدق أجراس الكنائس، وتتصاعد أدخنة البخور وترفع صلوات الشكر على نعمة التحرير، وتضاء شموع الأمل في كل البيوت، كأنها تعلن للعالم أن عهد الخوف قد ولى إلى غير رجعة.. والعائلات التي شردها النظام تجتمع من جديد حول مائدة الفصح، لا كضحايا، بل كأحرار كتبوا ملحمة الصمود بأرواحهم ودمائهم.
تقاليد العيد
وتحرص العائلات السورية المسيحية على إحياء تقاليد العيد بكل تفاصيلها، بدءاً من حضور الصلاة في كنائس مزينة بالأزهار والشموع، ومروراً بتبادل التهاني بعبارة “المسيح قام! حقاً قام!”، وانتهاءً بتحضير أطباق العيد التقليدية مثل المعمول والكعك ووجبات اللحوم المشوية، بعد صيام استمر لـ ٥٠ يوماً.
ففي دمشق وحلب وحمص وغيرها من المدن، تكتسي الكنائس الأرثوذكسية والكاثوليكية والسريانية بأجواءٍ احتفالية مليئة بالفرح والتفاؤل، حيث تقام القداديس الخاصة بالعيد، والتي تشهد حضوراً لافتاً من الجميع، ويتشارك الأصدقاء والجيران من كل الطوائف في التهنئة كتعبير عن التآخي السوري.
رسائل الأمل والتضامن
الكلمات خلال قداس العيد، حرصت على أهمية الوحدة الوطنية وترسيخ قيم المحبة والتسامح، تعبيراً عن قيم الفصح، وأنه رسالة تجديد الأمل للسوريين جميعاً، كما حملت رسائل قوية حول أهمية التلاحم الوطني وترسيخ قيم المحبة بين جميع مكونات الشعب، في وقت تشتدّ فيه الحاجة إلى إعادة بناء الإنسان والوطن.
السياحة الدينية
وفي مؤشر إيجابي يعكس بدء عودة الحياة إلى طبيعتها، تشهد المواقع الأثرية المسيحية في سوريا إقبالاً لافتاً خلال احتفالات عيد الفصح المجيد، يتوافد الكثير من الزوار على هذه المواقع مثل دير سيدة صيدنايا وبلدتي معلولا وجبعدين، وكنائس دمشق القديمة، وكاتدرائية السيدة العذراء في حلب التي تعافت جزئياً من آثار الحرب، حيث أقيمت القداسات بطرق تقليدية توارثتها الأجيال، تمازجت فيها الترانيم بالسريانية والعربية في مشهد ثقافي فريد.
بدورنا نؤكد أن الفصح هذا العام ليس كسابقيه، فهو يحمل نكهة الانتصار، وعبق الحرية، وفرح الشهداء الذين وهبوا حياتهم من أجل سوريا الجديدة.. إنه عيد القيامة بكل ما تحمله الكلمة من معنى قيامة العدل بعد الظلم، وقيامة الوحدة بعد الفرقة، وقيامة الأمل بعد اليأس.. اليوم وبعد طول انتظار، يولد الفجر الجديد، وتعلو ترانيم النصر في كل أرض سوري.. المجد لسوريا الحرة، والمجد لشعبها الصامد.
إنه العيد الذي يقول للسوريين، رغم كل شيء “النور يغلب الظلمة، والحياة تنتصر على الموت، والفرح أقوى من كل أحزان الأرض.