يـــــداً بيـــــد..

 

الملحق الثقافي:ثراء الرومي:

طبولُ الحرب خَفَتَتْ، بعد أن حصدَتْ ما حصدَتْه من أعمارنا وأرواحِ أحبّةٍ، ومنازل أفراحٍ، كانت تسكن منّا شغاف القلب والرّوح.
عجلةُ الحزن طحنَتْ ما طحنَتْهُ من ذكرياتنا، لتدفعنا معها عجلةُ الاقتصادِ المتعثّرةُ لتتناسي تلك الأحزان في زحمة اللّهاث وراء لقمةِ العيش الكريمة التي عزّ منالها.
وفي أعقاب كلّ هذا، لا نملك إلّا أن نتعافى وننهض من رمادنا. قد يبدو حجم الدّمار أكبرَ من أن تحيط به أيدي كلّ البنّائين مجتمعةً، ولكنّ مرحلة الإنعاش المريرة لا بدّ لها أن تغدو مرحلة انتعاشٍ، إذا ما تضافرت جهودنا، كلّ من موقعه ومهما كبرت أو صغرت مسؤوليّاته.
كم نحتاج إلى ثقافة الشّعور بالمسؤوليّة، كمعيارٍ وطنيّ أمثل لما نحن مقبلون عليه. فذاك الانتعاش ليس مجرّد خيار نسعى إليه، بل هو من مقتضيات القادم الجميل، الذي عبّد شهداء سوريّة الغالية دربه بدمائهم الطّاهرة.
لا يمكن لعصا سحريّة أن تصلح كلّ ما فات بغمضة عين، وليس ثمّة «أبرا كا دابرا» تنقلنا بخفّة إلى ما نتمنّاه، ولكنّ التّعويذة الفعليّة تكون بقول «لا» بالصّوت العالي للفساد في كلّ مكان، فالموظّف الفاسد هناك من يشدّ على يديه بتغاضيه عنه أو بالتّستّر عليه، والتّاجر الفاسد الذي يتلاعب بقوت الشّعب يواصل غَيَّهُ بوجود قاضٍ فاسد مثله، وهلمَّ جرّاً. إنّها سلسلة متداخلة الحلقات، يقتضي تفكيكها الكثير من الصّبر والأناة، كما يستوجب أن نكون يداً واحدةً في ثقافة الشّكوى. إنّها أشبه بألغام مزروعة في دروبنا، تفجّر في طريقها كلّ جسور التّقدّم التي نسعى إليها.
ولعلّ المطلب الملحّ الآن، يكمن في تعديل الكثير من قوانينِ الأحوال الشّخصيّة المترهّلة التي لا تواكب هذه المرحلة بأيّ حالٍ من الأحوال. قد يبدو هذا المطلب غريباً أمام أولويّات ما نترقّبه، ولكنّه من أهمّ الحلقات التي ينبغي تفكيكها في كُلٍّ متكاملٍ من العقد والعقبات. ولا يخفى على أحد ضرورة أن يكون شعار «الرّجل المناسب في المكان المناسب» ترجمةً مُثلى لشعار «الأمل بالعمل» لأنّه نواة الخطوة الأولى نحو التّغيير المنشود، ونحو كلّ ما نتمنّاه لسوريّتنا الغالية.
سوريّتنا بحاجة إلى مبدعيها من كتّابٍ وشعراءٍ ومترجمين، وثمّة ضرورة ملحّة لوقف هجرة تلك الأدمغة المبدعة للكتابة والنّشر في الخارج، نظراً لما يتقاضونه ممّا يكاد لا يسدّ الرّمق. ومن جديد هناك مطلب تعديل آخر يشمل قوانين التّعرفة الخاصّة بالكلمات الإبداعيّة، فكرامة الوطن من كرامةِ مبدعيه.
ولن ننسى أبداً أنّ حجر الأساس في أيّ بناءٍ، يتجلّى في بناء الإنسان، ومن هذا المنطلق يظهر حجم المسؤوليّة التي يضطلع بها بناة الأجيال في المدارس، بعد عشرة سنوات لم يشهد فيها جيلٌ كاملٌ سوى مشاهد القتل والدّمار، ولم يعش سوى حالات التّقشّف والبؤس التي أفرزتها الحرب الجائرة.
قداسة الرّسالة التّعليميّة تكتسب بعداً مضاعفاً في هذه المرحلة، لأنّ من يحملها سيكون محارباً على عدّة جبهات، ليكون البناء عبر المحبّة والعطف وتفعيل دور الثّقافة ودور الكتاب، فأمّةٌ تقرأ وتعي لا يُغَرَّرُ بأبنائها لأنّ ثقافتهم تحصّنهم ضدّ ما يجري من غسيل للأدمغة، كأحد أخطر أسلحة الحرب التي أُحسِنَ استغلالها، وأصابت من سوريّتنا الصّميم.
إنّ حلقة السّلسلة المتداخلة الخاصّة بالمدارس، لا تنفصل عن تلك الخاصّة بالجامعات. فواقع التّدريس الجامعيّ يحتاج إلى إعادة هيكلة شاملة بما يتيح لجامعاتنا أن تكون منارات فكريّة وحواضنَ إبداعيّة بعيدة عن التّلقين والببّغائيّة.
والحلقة التي تشكّل بيضة القبّان في الرّهان على قدرة سورية على فتح نوافذ أنوارها المغلقة، تكمن في إتاحة الفرص للعقول النّيّرة التي تحمل أفكاراً اقتصاديّةً خلّاقة، لو استُثمرت بشكلها الأمثل، ولم توضع العصيّ في عجلاتها من قبل الظّلاميّين، من دواعش الدّاخل وأصحاب القرار، لارتقت ببلادنا نحو فجرها المشتهى في زمنٍ قياسيّ.
التّحدّياتُ جسيمةٌ والمواجهة شرسة، ولكنّ الأمل يحدو بنا لأن نكون مستعدّين لهذه المواجهة يداً بيد، لأنّ «اليد الواحدة لا يمكنها أن تصفّق»، واليد التي سترتفع بالقسمِ ستكون أمينة على ثقة الملايين، فهي الأقدر على قيادة مصير سوريّتنا إلى دروب النّور والأمان. سنخرج من دهاليز الحرب بهمّة قائدنا وبصبرنا الأسطوريّ، الذي سيأتي أُكُلَهُ عمّا قريب بإذنه تعالى.
بقي القليل من العقبات، وكما يقول المثل الشّعبيّ: «من شرب البحر لن يغصّ بساقية». نحن لها، وسننهض عمّا قريب إن اضطلعنا بمسؤوليّاتنا وأدركنا حجم التّحدّيات.

التاريخ: الثلاثاء8-6-2021

رقم العدد :1049

 

آخر الأخبار
دلالات سياسية بمضامين اقتصادية.. سوريا تعزز تموضعها الدولي من بوابة " صندوق النقد الدولي والبنك الدو... سجال داخلي وضغوط دولية.. سلاح "حزب الله" يضع لبنان على فوهة بركان لجنة لتسليم المطلوبين والموقوفين في مدينة الدريكيش مصادرة حشيش وكبتاغون في صيدا بريف درعا The NewArab: الأمم المتحدة: العقوبات على سوريا تحد يجب مواجهته إخماد حريق حراجي في مصياف بمشاركة 81 متسابقاً.. انطلاق تصفيات الأولمبياد العلمي في اللاذقية "لمسة شفا".. مشروع لدعم الخدمات الصحية في منطقة طفس الصحية وزير المالية: نتطلع لعودة سوريا إلى النظام المالي الدولي وقف استيراد البندورة والخيار رفع أسعارها بأسواق درعا للضعفين 34 مركزاً بحملة تعزيز اللقاح الروتيني بدير الزور البنى التحتية والخدمية متهالكة.. الأولوية في طفس لمياه الشرب والصرف الصحي    تستهدف 8344 طفلاً ٠٠ استعدادات لانطلاق حملة اللقاح الوطنية بالسقيلبية  بعد سنوات من الانقطاع.. مياه الشرب  تعود إلى كفرزيتا  جولة ثانية من المفاوضات الأمريكية- الإيرانية في روما أردوغان: إسرائيل لا تريد السلام والاستقرار في المنطقة جنبلاط: هناك احتضان عربي للقيادة السورية واقع مائي صعب خلال الصيف المقبل.. والتوعية مفتاح الحل برسم وزارة التربية النهوض بالقطاع الزراعي بالتعاون مع "أكساد".. الخبيرة الشماط لـ"الثورة": استنباط أصناف هامة من القمح ...