لا يتوانى النظام التركي لحظة واحدة عن إظهار أسوأ صفات وممارسات “العثمانية” التي اجتاحت في حقبة من الزمن الوطن العربي وجزءاً من أوروبا وآسيا ولاتزال تداعياتها السلبية تلقي بظلالها على العديد من الدول سواء ما يتعلق منها بمجازر الأرمن أو تلك التي تفرض تقسيم الجزيرة القبرصية إلى شمال وجنوب وصولاً اليوم إلى ليبيا.
اليوم يكرس نظام أردوغان النزعة “العثمانية الجديدة” بالهيمنة والسيطرة على جوار الدولة التركية في انتهاك للقانون الدولي وتحد لجميع القيم الإنسانية، فيقطع مياه نهري دجلة والفرات عن سورية والعراق ويعمل على تتريك المناطق التي احتلتها قواته بمساندة المجموعات الإرهابية في إدلب وشمال سورية بطريقة تعيد إلى الذاكرة الممارسات التي ارتكبتها الدولة التركية لسلخ لواء اسكندرون قبل مئة عام ونيف.
يحاول رئيس السلطة في أنقرة استغلال الظروف التي تمر بها المنطقة من فوضى وإرهاب لتمرير أطماعه في منطقة المتوسط والاستيلاء بالقرصنة على الموارد البحرية من النفط والغاز بالتعاون مع أدواته في ليبيا ليشعل حرباً من التوترات مع كل من مصر واليونان وقبرص مستنداً إلى مزاعم الحقبة العثمانية الاستعمارية البائدة.
لقد دقت الصحافة اليونانية قبل أشهر جرس الإنذار من فيروس “العثمانية الجديدة” التي وصفتها بالأفعى التي أطلت برأسها لتلدغ يميناً وشمالاً، كما رفعت سورية الصوت عالياً أمام المنظمات الدولية ومجلس الأمن بأن نظام أردوغان العثماني يمارس الإرهاب والترهيب معاً عبر قطعه مياه الشرب عن أكثر من مليون مواطن سوري في الحسكة ويحرم السوريين من مياه الري عبر سرقة حصتهم من نهري الخابور والفرات دون أن يتحرك مجلس الأمن الدولي أو حتى المنظمات الإنسانية الدولية المعنية بهذه القضايا لإدانة هذا السلوك العدواني.
ماذا ينتظر المجتمع الدولي لمواجهة “الأطماع العثمانية” للنظام التركي التي تمظهرت تدخلاً في الشؤون الداخلية للدول كما فعل في الحرب الأرمينية الأذرية وفي ليبيا وسورية والعراق وغيرها؟ لاشك أن صمت المجتمع الدولي ومنظماته يشكل ضوءاً أخضر للنظام التركي لمواصلة سياساته التوسعية وأطماعه.. كما تفعل تلك المنظمات مع النظام العنصري الإسرائيلي في فلسطين المحتلة.
عمليات التتريك التي ينفذها الاحتلال التركي في سورية، هي أسوأ مظاهر “العثمانية الجديدة” التي تعمل على تغيير المعالم الجغرافية وتهجير السكان وفرض التغيير الديمغرافي وتغيير أسماء المناطق والشوارع وفرض اللغة التركية في المدارس، لذلك ينبغي التحرك بقوة، ميدانياً وعبر المنظمات الدولية لوقف هذا السلوك الاستعماري الإجرامي ومنع النظام التركي من مواصلة نهجه التوسعي العدواني ضد سورية وغيرها من الدول.
إضاءات- عبد الرحيم أحمد