يشكل التصنيع الزراعي إحدى الركائز الأساسية للاستثمار في القطاع الزراعي، نظراً لأبعاده الاجتماعية والاقتصادية وأثره في مستوى الأسر والمتجمع ودوره المهم في تحقيق الأمن الغذائي وتأمين متطلبات العيش الكريم وتوفير العملة الصعبة ومواجهة تداعيات أزمة الغذاء والأزمة الاقتصادية العالمية، ورغم المهمة الكبيرة التي يؤديها التصنيع إلا إن حجم الإنتاج المُصنع لا يتناسب مع مخرجات القطاعات الزراعية المختلفة، والدليل مشكلة الحمضيات التي يعانيها المزارعون في كل عام والحاجة الماسة لإقامة معمل للعصائر لاستيعاب الفائض.
النهوض بالتصنيع الزراعي له آثار إيجابية على العديد من القطاعات الأخرى، حيث يساهم في الارتقاء بالزراعة ورفع القيمة المضافة للمحاصيل الزراعية وتقليل الفاقد منها وحماية البيئة وإعادة تدوير المخلفات الزراعية وتعزيز النمو وخلق فرص للشباب ويوفر الأغذية الصالحة والآمنة للمستهلكين وبالتالي التقليل من فاتورة الاستيراد ويحد من المخاطر التي قد تواجه أي مزارع أو مستثمر، خاصة فيما يتعلق بقضية فائض الإنتاج وتلف المحاصيل.
العائد الاقتصادي والآثار الإيجابية المتوقع تحقيقها سواء للفرد أو المجتمع أو للمستثمر كثيرة، لذلك من المفروض أن يعطي هذا النوع من التصنيع مساحات أوسع لتعدد مجالاته وتوفر مستلزماته ومقوماته من المواد الأولية كالخضراوات والفاكهة والمنتجات الحيوانية والتوجه لتفعيل عمل المصانع الموجودة والقائمة والتوسع في إقامة المنشآت الصناعية المعتمدة على الزراعة وتحقيق تكامل حلقات العمل الزراعي والصناعي وربط الزراعة بالتصنيع وتوزيعها بشكل يتناسب مع مناطق الزراعة وتسهيل عمليات الترخيص لها ودعمها وإيجاد بيئة مناسبة لاستغلال إمكانات هذا القطاع على نحو فعال یفتح المجال لمزید من الاستثمارات في القطاع الزراعي والصناعات القائمة علیه والتخفيف من مشاكل التسويق التي تنتج عن تراكم الإنتاج في فترات معينة، مثل الحمضيات والتفاح والكثير من الخضراوات بما يعود بالنفع على المزارعين، إذ سيضمن على الأقل البيع بأسعار تفوق التكلفة ما سيحد من الخسائر التي يتعرض لها المزارعون كل عام .
سورية بلد زراعي بامتياز وهي تمتلك العديد من المزايا التي تجعلها قادرة على الإنتاج والعطاء وبالتالي تحقيق أمنها الغذائي بالدرجة الأولى والتخفيف من وقع العقوبات والحصار المفروضين عليها، الأمر الذي يستدعي وضع استراتيجية متكاملة توائم بين سياسات الإنتاج الزراعي وسياسات التصنيع ووضع الخطط والحلول للتوجه لاستیعاب الفائض من خلال وضع خریطة استثماریة وإزالة المعوقات التي تواجه الإنتاج والتصنیع الزراعي.
أروقة محلية- بسام زيود