عاد السجال ليتجدد حول أهمية دعم الاستيراد من جهة، وضرورة حماية الإنتاج المحلي من جهة ثانية، وكلا الطرفين له مبرراته وحججه التي يراها مقنعة وتدعم رأيه، وآخر ما حرر في هذا المجال تلك الدعوات التي ذهبت إليها لجنة التصدير في غرفة تجارة دمشق التي تصر فيها على أهمية الاستيراد كواحد من الأدوات الداعمة للاقتصاد الوطني في تأمين مستلزمات الإنتاج من عدد صناعية وآلات ومواد أولية، وجرى التركيز في تلك الدعوات على ضرورة استيراد الأقمشة المُسَنَّرة لتوفيرها في الأسواق المحلية بما يؤمن المادة الأولية لصناعة الألبسة.
وبالاتجاه الآخر ونظراً لتوفر مئات المعامل التي تنتج هذه السلعة (الأقمشة المُسَنَّرة) فقد حذر اتحاد غرف الصناعة من السماح باستيراد هذه الأقمشة من الأسواق الخارجية نظراً لأنها تنتج محلياً، وبالتالي فإن دخول السلع الأجنبية المماثلة سيكون له أثر سلبي على الصناعة المحلية ويؤدي إلى أضرار بالغة بالمنتجين وأصحاب المعامل، وبالتالي سيكون هناك تأثيرعلى عمال تلك المنشآت التي قد يتوقف بعضها بسبب قوة المنافسة ودخول المنتجات المستوردة المماثلة لما تنتجه معاملهم.
وما بين هذين الرأيين وربما الموقفين المتعارضين تماماً تبدو هناك حاجة ملحة لدراسة متأنية تتخذ من مصلحة الاقتصاد الوطني عنواناً رئيساً لها بحيث لا يكون هناك ما يؤخر الاتجاه الحالي بدعم الإنتاج المحلي والعمل على زيادته كماً وتحسينه نوعاً، بالنظر إلى أهمية هذا التوجه في إعادة إنعاش الاقتصاد بعد عشر سنوات من الحرب العدوانية على البلاد والتي ولدت مشكلات كبيرة في مختلف قطاعاتنا المحلية.
لذلك قد لا يكون من السهل المفاضلة ما بين الدعوتين ربما لكون كلا الطرفين يمثلان فعاليات محلية تعمل في اتجاهين مختلفين لكنهما يصبان في رفد الاقتصاد الوطني باحتياجاته من مواد أولية وسلع وخدمات وغيرها، وبالتالي فإن اتخاذ القرار بالسماح أو عدم السماح بالاستيراد يحتاج إلى النظر بكل التفاصيل والحيثيات والمبررات التي يقدمها كل من الصناعيين والموردين، بحيث لا يستفيد هذا الطرف على حساب تضرر الطرف الآخر، وبما يحقق مصلحة الاقتصاد الوطني.
حديث الناس – محمود ديبو