في حدث رياضي اهتزت له الشاشات، والتهبت بأخباره وسائل التواصل الاجتماعي منذ أيام قليلة، وهو وقوع لاعب كرة قدم شهير فوق أرض الملعب مغشياً عليه أثناء المباراة لتبادر الفرق الطبية بإسعاف سريع له أنقذ حياته.. فإذا بمتابعة الحالة الصحية للبطل الرياضي، ومصير مستقبله المهني في مجاله يأخذان اهتماماً واسعاً من الإعلام العالمي، ومن شبكات التواصل الاجتماعي حتى كاد الخبر يطغى على أخبار ما يجري في بقاع أخرى من العالم من كوارث بيئية، أو إنسانية، وما يُقترف من اعتداءات البشر على بعضهم بعضاً، وغيرها مما يترك آثاره على قرن جديد متفجر بالمفاجآت في مختلف المجالات ليس أولها تلك التكنولوجية، ولا آخرها تلك الإنسانية، وقد حلّت الكوارث من جرّاء حروب المياه، أو تصحر مساحات لا يستهان بها من الأرض ليقع الناس في المجاعة، وليقع غيرهم في فخ الجهل، والمرض، والفقر، وليفقد الناس وظائفهم بسبب ما استجد من ظروف الوباء الذي انتشر، وعمَّ البلاد جميعاً.. وكل ذلك دون الاستهانة بقيمة حياة إنسانية في أوج عطائها وحيويتها تعرضت للخطر، وكادت أن تزهق.
حدث استوقف بعضهم من حولي لأجد نفسي في مواجهة تساؤلاتهم: هل أصبحت الرياضة هي الشغل الشاغل للناس في متابعة أخبارها، وما يجري لأصحابها إلى هذه الدرجة من الاهتمام الواسع؟.
بالطبع ليست الرياضة في العصر الحديث بذلك الأمر الهامشي، أو أنها شأن عادي بل إن استطالاتها، وانتشارها، وما يُرصد لها من أموال طائلة، وما تحظى به من تغطية إعلامية واسعة، وما يقام لأجلها من أبنية، واستادات رياضية، وقنوات فضائية متخصصة، وما يعقد لها من مباريات عالمية ما يجعل منها شعلة متقدة على الدوام ربما تحرق ما حولها من أخبار إذا ما تزامنت مع أحداثها التي تستقطب إليها أكبر جمهور من عموم الناس.
لا يختلف اثنان حول أهمية الرياضة في الحياة بما ينعكس على صحة الأجساد، والعقول، وقتل أوقات الفراغ بما يفيد ولا يضر، ويعزز إنتاجية الأفراد، والمجتمعات، حتى باتت كمقياس للتقدم، وقد عُرفت منذ أقدم الأزمان منذ الأسطورة الإغريقية التي ازدهرت فوق قمة جبل أولمب، وحيث كانت تقام المباريات الرياضية، وقد استمدت الألعاب الأولمبية المعاصرة اسمها منه.. ولا يخفى على أحد أيضاً ما للرياضة من أثر إيجابي في التداخل الثقافي، وقبول الآخر، وهي تقرّب رؤوس الشعوب من بعضها بعضاً عند الاشتراك في المباريات الكبرى، وما يتبع ذلك من فوز تحمله مواكب نصر فيجعل أضواء الشهرة تتجه إلى هذا البلد، أو ذاك، وبما يعزز الهوية الوطنية، ويؤكد الانتماء.. وليس هذا فقط بل إنه التعارف الإنساني بين الرياضيين، والجماهير من مختلف بلاد الأرض، وروح التنافس الرياضية التي تحمل الهزيمة دون ضغينة.
إنها الرياضة إذاً بما لها وما عليها، وهي التي بات لها مفعول السحر إذ تسري بين شعوب الأرض في تقارب وليس في تباعد، في تعاون وليس في تنافر.. ومادامت أخبارها تنال الاهتمام الأكبر من جمهورها على حساب ما هو أكبر من مجرد لعبة رياضية لها أبطالها الذين يتميزون في ساحاتها فهذا يعني أنها نافذة مهمة في مساعدة الناس، والتخفيف عنهم للتغلب على الأزمات التي تأخذ حيزها في الأجواء الحالية التي تكثر فيها الأنباء عن الوباء، أو عن أي غزو أو اعتداء، أو عن اختلال الوفاء بالعهود والعقود، وما يكدر غرف نشرات الأخبار من أحوال، وأهوال لمن يقضي في الأزمات، أو يخسر عمره تحت أنقاض البيوت المهدمة.
ويبقى التعاطف الإنساني قيمة عالية إذا ما انسحب على كل الأحوال دون أن يقف عند حدث على حساب غيره من الأحداث.
(إضاءات) ـ لينــــــا كيــــــــلاني