” حياة جديدة للمونودراما “

من المعروف أن (المونودراما) كواحدة من الفنون المسرحية، والتي يطلق عليها أيضاً (عرض الشخص الواحد)، لم تلق رواجاً كبيراً على صعيد المسرح كما غيرها من أشكاله.. فالمونودراما فن درامي صعب يتمحور حول قدرات ممثل واحد يمتلك من البراعة ما يجعله متمكناً من جميع أدواته الفنية كحركة الجسد، ونبرة الصوت، وتعابير الوجه، والأداء التمثيلي متعدد الشخصيات، أي أنه بمقدوره أن يلوّن شخصيته بما يتوافق وشخصية بطل العمل الذي يجسده.. هذا من جهة، ومن جهة أخرى تأتي أهمية النص المسرحي الدرامي الذي يعتمد على السرد المشوّق كعنصر أساسي في إيصال رسالته.

فن متطور تظهر فيه قدرات الممثل، والكاتب المسرحي، والمخرج وما يستخدمه في (السينوغرافيا) من ديكور، وإضاءة، وموسيقا، ومؤثرات مختلفة، كعناصر متكاملة تجعل المشاهد يكتفي، دون ملل، بالممثل الواحد الذي ينهض بكامل المسرحية بمفرده، إلا أن هذا الفن الذي يسمونه أيضاً (المسرح المنفرد) ما يلبث أن يظهر على فترات حتى يختفي، وأسباب ذلك تتنوع تبعاً للمؤثرات الخارجية التي تحكم عقلية المجتمعات، ومزاجية الأفراد، وإيقاع العصر الذي يسود.. فالمجتمعات العاطفية التي تتداخل فيها العلاقات الإنسانية، وتسود في انضمام أسري، واجتماعي لا تنسجم كثيراً مع فكرة الفرد مقابل الجماعة.. كذلك فإن واقع العصر السريع، والذي تداخلت فيه علاقات الناس بين بعضهم بعضاً، وتشابكت لدرجة التفاعل اللحظي بين هذا وذاك عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، فإنه أكثر ما يشجع على مسرح منفتح، واسع، تتعدد على خشبته شخصيات الممثلين، ويرحب كثيراً بالمسرح الاستعراضي الذي قد تشارك فيه فرق بأكملها.

والدراما التي تسبقها كلمة (مونو)، وتعني (الواحد)، أكثر مَنْ تستقطبه إليها هم من النخبة المثقفة التي عقدت لها صلة وثيقة مع الفن المسرحي، إلا أن ما طرأ من ظروف مستجدة، وأقصد بها ظروف عزلة الوباء الذي ساد العالم، ما جعل من فكرة دراما الفرد الواحد أكثر قرباً عما كانت عليه في السابق من جمهور العامة.. ذلك لأن أغلب الناس قد اختبروا في فترات العزل، والحجر، مشاعر جديدة تعززها الوحدة القسرية التي فُرضت عليهم.. لتصبح بالتالي كلمة (الواحد) تجسد مفهوم العزلة الاجتماعية.

و(المونودراما) ليست ببعيدة عن هموم الناس، ومشكلاتهم، فإذا بها تصبح الآن أقرب إلينا من أي وقت مضى بعد أن مارسنا العزلة الاجتماعية لفترات ليست بقليلة، لتنتعش هي بالتالي في عروضها، وفي ندوات تقام حولها تتناول فيها فنها، وعناصرها، وتناقش نصوصها الحديثة، والجديدة ذات المضامين التي تتعرض لفكرة معاناة الفرد الواحد في عزلته كأزمة إنسانية عالمية التأثير، وليجسدها ممثل واحد أيضاً على خشبة المسرح هو أشبه ما يكون بذلك الفرد الذي قبع بمفرده في غرفته بعيداً عن أهله، وناسه لأنه ببساطة تعرض للإصابة بما هو من الجائحة فيعيش في غربة، ووحشة، وانتظار لذلك اليوم الذي سيخرج فيه إلى حياته الطبيعية، والاعتيادية من جديد، وكأنه ولد من جديد، وقد انفكت الدائرة من حوله، وانكسرت.. فإذا بحلقة العزلة التي أحاطت بالمونودراما، وحالها كان كحال ذلك المعزول والمحجور، تنفك هي أيضاً لتصبح أكثر قبولاً من جمهور المسرح.. وهي الأقدر في الوقت ذاته على تشخيص العزلة على كل أشكالها.

أما الأزمة الممتدة للجائحة على مدى عامين فقد أفردت مساحة من الوقت كافية للكتّاب للتفاعل معها، والتعبير عن معاناتها، ومن ثم الخروج منها بمنتج إبدعي حولها، لتظهر بالتالي نصوص مسرحية نابعة من واقع حال، ومتزامنة مع ما يُعاش، تجد لها طريقاً إلى جمهور المسرح.

قد تكون الأزمات أحياناً سبباً لمتغيرات تطرأ على الأفراد، أو على المجتمعات، وهي لسبب أو لآخر تنعكس في الفن، والأدب.. لكن الأهم هو أن تتضح آثارها في مسار إيجابي بعيداً عن الهزيمة، ومن مبدأ الربح لا الخسارة.

(إضاءات) ـ لينـــــــا كيـــــــــــــــلاني 

آخر الأخبار
٥٠ منشأة صناعية جديدة ستدخل طور الإنتاج قريباً في حمص الإعلام على رأس أولويات لقاء الوزير مصطفى والسفير القضاة وزير الإدارة المحلية والبيئة يوجه بإعادة دراسة تعرفة خطوط النقل الداخلي سجن سري في حمص يعكس حجم الإجرام في عهد الأسد المخلوع ميشيل أوباما: الأميركيون ليسوا مستعدين لأن تحكمهم امرأة لجنة السويداء تكسر الصمت: التحقيقات كانت حيادية دون ضغوط الضرب بيد من حديد.. "داعش" القوى المزعزعة للاستقرار السوري من الفيتو إلى الإعمار.. كيف تغيّرت مقاربة الصين تجاه دمشق؟ انفتاح على الشرق.. ماذا تعني أول زيارة رس... تفعيل المخابر والمكتبات المدرسية.. ركيزة لتعليم عصري 2.5 مليار يورو لدعم سوريا.. أوروبا تتحرك في أول مؤتمر داخل دمشق مغترب يستثمر 15 مليون دولار لتأهيل جيل جديد من الفنيين بعد زيارة الشيباني.. ماذا يعني انفتاح بريطانيا الكامل على سوريا؟ فيدان: ننتظر تقدّم محادثات دمشق و"قسد" ونستعد لاجتماع ثلاثي مع واشنطن وفود روسية وتركية وأميركية إلى دمشق لمناقشة ملف الساحل وقانون "قيصر" رغم نقص التمويل.. الأمم المتحدة تؤكد مواصلة جهود الاستجابة الإنسانية بسوريا بين "داعش" و"قسد" وإسرائيل.. الملفات الأمنية ترسم ملامح المرحلة المقبلة المنطقة الصحية الأولى بجبلة.. نحو 70 ألف خدمة في تشرين الأول تفجير المزة.. هل حان وقت حصر السلاح بيد الدولة؟ عودة محطة بانياس.. دفعة قوية للكهرباء واستقرار الشبكة نحو شوارع أكثر نظافة.. خطوات جديدة في حلب