الثورة أون لاين – علاء الدين محمد:
امتاز ديوان الدكتورة سلمى جميل الحداد (أتجاذب معك أطراف الحريق ) بحيوية المفردة وقدرتها على الانتقال من المادي الى اللامحسوس وعمق معناها وبعدها الدلالي .
فيض شعور يمليه الشوق و الحنين وتفرضه الغربة .. مخيلة ثرية فيها ألوان ساحرة وأنغام آسرة.. تشعر وانت تقرأ بأنفاس تداعب خلاياك فتستغرق في نشوة القراءة .
تقول الشاعرة :
(يروي المطر بصيلات شعري فتنبت الفكرة
من الطبقات الجيولوجية لأعماق غربتي …..
قطعت كل أنفاس القطارات
وماوصلت الى مقصورة ذاتي )…
قاربت الشاعرة مواضيع عدة من خلال مكنوناتها المفعمة والمتوقدة بخليط من المشاعر والأحاسيس فتناولت الغربة والفراق والحنين بمقطوعات تتعدد أبعادها اللونية والحركية وتظهر انعكاساتها على القارئ جمالية مفردات ومعاني.
تقول :
(وحين تضيق عليها اللغات
تمنحني عزلة التغريد والتحليق
فأزداد ابتعادا عن إسمنت رواسبي
وأزداد اقترابا من نفسي البعيدة )
وصفت فأجادت الوصف ..أطالت فأمتعت واختصرت فأبدعت ..حكمة وفلسفة لا تكاد تخلو منها قصيدة من قصائدها ..أضفت على ديوانها طابعا متفردا ..مستخدمة الرمزية بطريقة مبدعة وجذابة في البعد المكاني والزماني .
تقول :
(غدا يكبر عمري علي
ويصغر عليه جسدي
فأعطيه لأخي الصغير وأكبر أنا بلاعمري
الظمأ ألم يدخل في ثقب إبرة
وفي بعض الارتواء ثمة يباس وعطش)
لوحات من هواجسها ومواقفها المفعمة بالزهد والأنفة والكبرياء التي تجلت واضحة في معظم قصائدها صاغتها ونثرتها بإحكام لغوي ينم عن شخصية متفردة واثقة مثقفة .
تقول :
(توقفت عن الخوف
حين أقلعت عن الانتظار
ونثرت أسماء المحطات قمحا للحمام
فوق قضبان السكك الحديدية
لدي متسع من الوقت
لأهمل الكرة الأرضية ) مالايمكن وصفه في هذا الديوان أكثر بكثير مما يمكنه وصفه ..
نقتطف من الديوان
أنا المتعددة وحيدة وشتلة حبق
جمعٌ لمفرد تصخبه الجموع
ومفردٌ لجمع تضجره الوحدة والأرق،
ما من ذاكرة أقمتُ فيها
إلا انشغلت عني بجمع التفاصيل
وأعدتني وليمةً للقلق،
عصمتي في يد أفكارٍ أطارحها الجنون
وتطارحني التردد ووقتاً مضى،
أنا المتعددة وحيدة
والضوء الخافت في شهقة روحٍ…
أوصد الأبواب خلفي غياباً
لأصنع حضوراً يشهر سنابله في وجهي
فأحيا بقمحي من جديد.
ديوان شعري صدر عن دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع..للشاعرة المتألقة سلمى جميل الحداد الذي يضم ١٤٥ مقطوعة ونثرية.
وللشاعرة الدكتورة سلمى حداد , اكثر من عمل روائي , فاز بعضها بجائزة اتحاد الكتاب العرب في دمشق , وهي تعمل على مشروع التثاقف اللغوي بين الغرب والشرق , من خلال معجم مقارن مازال العمل مستمرا فيه لأنه يشكل موسوعة ضخمة سوف تسد ثغرات كبيرة في هذا المجال .