الثورة أون لاين – هلال عون:
يعتبر الكثير من المراقبين والمحللين السياسيين في العالم، وخاصة في منطقتنا العربية أن ما حدث في أفغانستان خلال الأيام القليلة الماضية، هو تسليم للسلطة إلى حركة طالبان من قبل قوات الاحتلال الأمريكي، بينما يذهب البعض الآخر، وخاصة في أمريكا والغرب، وحتى في روسيا والصين وإيران إلى أن ما حدث هو هزيمة مهينة ومخزية لأمريكا.
ويعتمد أصحاب الرأي الأول في تقديرهم إلى عدة مسلمات لديهم، أهمها:
1 – عدم الثقة بطرفي الصراع (أمريكا وطالبان).
2 – القوة الجبارة التي لا تُهزم لأمريكا في العقل الباطن لدى أصحاب هذا الرأي.
3 – خبث السياسة الأمريكية الذي دفع أصحاب هذا الرأي إلى الاعتقاد شبه اليقيني بأن أمريكا سلّمت السلطة لطالبان لتكون شوكة في خاصرة إيران والصين اللتين تشتركان بحدود جغرافية مع افغانستان، وفي خاصرة روسيا التي تشترك دول كانت تتبع الاتحاد السوفييتي السابق (كازاخستان) بحدود مع أفغانستان أيضاً، وبحيث يكون استلام طالبان السلطة عاملاً في عدم الاستقرار الأمني في لتلك الدول.
4 – التغطية على الهزيمة الأمريكية، وهذا (الرأي الرغبوي) تتبناه بعض القوى السياسية والإعلامية المدعومة من أمريكا في منطقتنا، وربما المهزومة نفسياً تجاه أمريكا..
فما هي حقيقة ما حصل.. وهل هو تسليم للسلطة لأهداف خبيثة مبيّتة، أم أنه هزيمة أمريكية حقيقية؟.
للإجابة على هذا السؤال الكبير، سأبتعد عن الاستدلال بما حصل من مشاهد عرضها الإعلام العالمي للفوضى والرعب اللذين رافقا دخول طالبان المدن الأفغانية، وبخاصة العاصمة كابول، وما جرى في مطارها من إطلاق نار من قبل القوات الأمريكية لتفريق وإبعاد المواطنين الأفغان الذين تعلقوا بأبدان الطائرات الأمريكية المغادرة.
وسأبتعد أيضاً عن الاستدلال بمغزى إرسال أمريكا وبريطانيا وفرنسا لآلاف العسكريين لإجلاء المدنيين الأمريكيين والبريطانيين والفرنسيين على وجه السرعة، لأن أصحاب الرأي الذي يميل إلى تسليم أمريكا السلطة لطالبان يرون في ذلك مشاهد مسرحية ضرورية لإقناع العالم بعدم قيام أمريكا بتسليم السلطة.
وأرى أن الوقوف على اعترافات وتبريرات لكبار المسؤولين الغربيين، وآراء لكبار المسؤولين الموثوقين من أعداء أمريكا في العالم هو السبيل الأفضل للتدليل على أن ما حدث هو هزيمة أمريكية بكل ما للكلمة من معنى.
لنبدأ باعترافات وتبريرات الغرب، فقد قال الرئيس الأمريكي جو بايدن، يوم أول أمس الاثنين، بعد أن قطع عطلته في كامب ديفيد، وعاد إلى البيت الأبيض بسبب السقوط المفاجئ للعاصمة كابول في قبضة “طالبان” : – “مهمتنا في أفغانستان لم تكن أبداً بناء الدولة الأفغانية”.
هذا الاعتراف فضيحة حقيقية، ويبدو أنه نتيجة الصدمة من الانهيار السريع للجيش الأفغاني الذي دعموه، والذي يزيد عديده على 300000 مقاتل.
– وفي تبرير فاضح للانسحاب الأمريكي، قال : ” كان هدفنا من دخول أفغانستان قبل 20 عاماً هو منع الاعتداءات على الأراضي الأميركية، وقد حققنا هدفنا”!.
– “مهمتنا في أفغانستان كانت مساءلة المسؤولين عن هجمات 11 أيلول 2001”!.. ونعقب على بايدن هنا بالقول لو كان صادقا لاحتل السعودية قبل أفغانستان.
– وفي تبرير منطقي لهزيمة أمريكا، قالت الناطقة باسم الحكومة الألمانية: “يبدو أن علاقة الجيش الأفغاني بالشعب لم تكن جيدة، وهذا سبب الانهيار السريع”.
5 – ، وفي تحليل منطقي أيضاً لما حدث قالت أنجيلا ميركل: “أسباب سياسية داخلية أميركية ساهمت في قرار سحب القوات الغربية من أفغانستان.
6 – رئيس حزب أنجيلا ميركل في ألمانيا قال: “إخفاق الحلف الأطلسي في أفغانستان هو الأكبر منذ عام 1956”.. (تاريخ العدوان الثلاثي على مصر).
آراء معتبرة لشخصيات موثوقة..
– المبعوث الخاص للرئيس الروسي لأفغانستان، زامير كابولوف قال: إن “استيلاء طالبان على السلطة، لم يكن انتقالاً للسلطة في أفغانستان وفق اتفاقات معينة، بل نتيجة فشل واشنطن في هذه الدولة”.. ورأى أن “مؤلفي مثل هذه الأفكار يحاولون بطريقة ما تبرير فشل الأميركيين في أفغانستان”.
– الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله قال: “بايدن كان يريد حرباً أهلية في أفغانستان من خلال قتال بين طالبان والقوات الأفغانية”.. و” الأميركيون أخرجوا التجهيزات وحتى الكلاب البوليسية من أفغانستان ولم يُخرجوا من تعامل معهم”.. و”بايدن قال إنه ليس من واجب الأميركيين القتال عن أحد وهذه رسالة لمن ينتظرهم ليقاتلوا عنه “.