الثورة أون لاين – راغب العطيه:
كشف المشهد الأفغاني الذي يتابعه العالم أجمع بدهشة وترقب هذه الأيام، الأهداف الأساسية من وراء غزو الولايات المتحدة الأميركية لأفغانستان، واختصر في الوقت نفسه الرؤية الأميركية تجاه الآخر، سواء كان هذا الآخر صديقاً وحليفاً أم عدواً.
فعندما شنت واشنطن حربها المدمرة على أفغانستان في عام 2001، بزعم القضاء على حركة طالبان بسبب إيوائها أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة الإرهابي، على خلفية هجمات 11 أيلول الإرهابية، قادت تلك الحرب تحت الشعار سيئ الصيت “من ليس معنا فهو ضدنا” والذي رفعه حينها الرئيس الأميركي جورج بوش الابن، متوعداً بالقضاء على طالبان والقاعدة وتحويل أفغانستان إلى “جنة ديمقراطية” في آسيا الوسطى.
لكن مع مرور الزمن، راحت الحرب العدوانية تأكل الأخضر واليابس في هذا البلد الذي لم ينعم بالهدوء والاستقرار منذ عشرات السنين، وقد عملت الإدارات الأميركية المتعاقبة على إذكاء نيران هذه الحرب المجنونة والتي وقودها الأساسي هم الأفغانيون بكل طوائفهم وقبائلهم وتنظيماتهم، وذلك لإبقاء الفوضى وعدم الاستقرار هو السائد كي لا يلتفت أحد إلى ما يقوم به الأميركيون من سرقة ونهب ثروات وخيرات هذا البلد، وبدلا من تحويلها إلى دولة ديمقراطية أصبحت أفغانستان بؤرة للإرهاب، والأولى في إنتاج الأفيون وتجارة المخدرات والهيروين والبشر تحت الإشراف الأميركي المباشر.
واليوم وبعد عقدين من الزمن من الحرب التي راح ضحيتها مئات الآلاف من الأفغانيين بين قتيل وجريح ومشرد، بالإضافة للدمار الهائل الذي أحدثته الصواريخ والقنابل الأميركية والأوروبية (الذكية منها والغبية)، فلا الحليف حليفاً بالنسبة للولايات المتحدة ولا العدو عدواً، وما جرى خلال الأسبوع المنصرم مع سيطرة “طالبان” على أفغانستان، وخاصة على العاصمة كابل والقصر الرئاسي وكل الأماكن الحيوية فيها دون قتال، يؤكد للقاصي والداني أن واشنطن لم تذهب إلى هذا البلد لمحاربة الإرهاب ونشر الديمقراطية، بل ذهبت لتدميره ونهب خيراته وثرواته، وتركه لمصيره المجهول تتقاذفه الأهواء السياسية لعشرات التنظيمات الإرهابية.
وهنا لا يجافي الحقيقة الرئيس الأميركي جو بايدن عندما يقول: “لم نأت إلى أفغانستان لبناء دولة”، فنتائج عشرين عاما من الحرب كشفتها السبعة أيام الماضية وما رافقها من مشاهد مروعة وأخرى مستغربة، وما يزيد في غرابتها هو أن السلاح الأميركي المتطور ينتقل من اليد الأميركية إلى يد طالبان بكل اريحية ودون أي معوقات، بعد أن كان قد جلب لمحاربة حركة طالبان، فإذاً لا غرابة في السياسة الأميركية التي تتلون بحسب أهواء من يسكن البيت الأبيض.
