المبدع أم ما يبدع؟!

في خوالج نفسه كان ثمة شعور بصداقة عميقة تربطه بذلك الشاعر، وهو الذي لم يلتقه يوماً. بدأت يوم قرأ للمرة الأولى قصيدة بتوقيعه فأحبها وحفظ اسم كاتبها سريعاً. ولما تكرر الأمر رسخ الاسم في الذاكرة وأصبح مرادفاً للشعر الجيد حتى صار يجد تبريرات للضعيف منه، ويجد فيه مواقع قوة ربما لم تخطر على بال الشاعر ذاته. وشيئاً فشيئاً بدأت المخيلة ترسم صورة الصديق المجهول كما تشتهيها، إلى أن كانت اللحظة التي اصطدمت فيها الصورة المشتهاة بصورة الواقع لتكشف عن بون المسافة بينهما وتبدأ معها رحلة عودة للذاكرة لا لتصحح الصورة المتخيلة التي رسمتها للرجل، وإنما لتشوه الصورة الحقيقية لأعماله وقد صنعتها أعماله. فتتحول الأوصاف الجميلة التي طالما أُسبغت فيما مضى إلى نقيضها تماماً دون أن تكون هناك لحظة واحدة لمراجعة النفس فيما قرأت وحكمت.

ليست مجرد حكاية، إنها صورة من بعض ما نشاهده في حياتنا اليومية ولو اختلفت التفاصيل.

قدّم مشتغل بالكتابة يوماً على مسؤول نشر يسأله الموافقة على مقالة يهاجم فيها واحدة من المسرحيات، ولما قيل له: إن المسرحية لاتزال مشروعاً في ذهن المخرج!! قال: أعلم…لكنه إنسان رديء!

لو أن الأمر كذلك فعلاً.فهل يبرر الرأي الشخصي بالسلوك الشخصي لإنسان ما الحكم على عمله على هذا الأساس؟!

سيقول كثيرون أن لا انفصال بين الإنسان وما يصنع، ولو وافقنا على تعميم هذا الرأي لذهلنا مما في الواقع من استثناءات. هو رأي قد يرضي مشاعرنا الأخلاقية، لكنّه لن يرضي الحقيقة قطعاً. وإذا كنّا نحلم باتفاق الروح المبدعة مع السلوك الشخصي فإن حلمنا ليس دائم التحقق. وكم من فنان أبدع أعمالاً خالدة في تاريخ الإنسانية، و يعجز التاريخ عن امتداح شخصيته.

يتفق البشر على كثير من القيم الأخلاقية، ويختلفون في تقويم سلوك أو سواه. وفي الحالين فإن ما نتحدث عنه لا ينتقص أهمية ما اتفقوا عليه أو اختلفوا، إنما هي محاولة للفصل بين المشاعر الشخصية بتناقضاتها وتبايناتها. وبين العقل الذي يفكر ويحلل ويناقش. ومن صفاته أنه لا يفسح المجال للأمزجة لتقول قوله فتفقده إنصافه فأهميته، والفرق شاسع بين أن نحب انساناً لأجل عمله، أو لأجل ذاته. في الأولى تقدير للعمل المبدع، وفي الثانية عشق لأهوائنا ورغباتنا وهي لا تصلح للحكم على العمل.

وصفناها بمحاولة للفصل بين العقل والمشاعر. ويوم ننجح فيها سوف لا نقبل ما هو رديء لأن صانعه (آدمي)…والعكس بالعكس…

إضاءات- سعد القاسم

 

 

 

 

آخر الأخبار
تأخّر تسليم شهادات الثانوية العامة في حمص.. و"الامتحانات" توضح تجريبياً.. "مالية حلب" تبدأ العمل بتطبيق إلكتروني للحصول على "براءة الذمة" جودة المبيدات في مهب الاتهامات.. و"الزراعة" تؤكد سلامة إجراءاتها! سوريا تعود إلى المشهد الدولي وثقافةٌ تُبنى على ضوء الدبلوماسية الجديدة "الموارد المائية" بالقنيطرة تؤكد جاهزية مجاري الأودية و المسيلات إغلاق معامل صهر الرصاص في "الشيخ سعيد" بحلب منعاً لتلوث البيئة ساري عزام: طفل التوحد الذي واجه محاولات استغلال سياسية سابقة انضمام سوريا إلى المقاييس الإسلامية.. اعتراف دولي يستدعي قوة إنتاجية ثلاثة مفاتيح لأبواب التعافي الاقتصادي في سوريا الفيدرالية في سوريا.. وصفة فاشلة "الكونغرس" يستعد لعقد جلسة استثنائية بشأن إلغاء "قانون قيصر" الشهادات العامة بحلّة جديدة.. نموذج حديث مع ميزة التحقق عبر QR "حكي من القلب".. دعم نفسي يفتح أبواب الحوار وبناء الثقة بالذات حين تتحول صناعة "القش" إلى فن.. والإبداع إلى حكاية هل يصبح لدينا وزارة للتدريب؟ الظروف تكشف عورة عمل (لانا).. شروطه لاتُمس والمماطلة تتواصل ! رفع أسعار الإنترنت عبء جديد يثقل كاهل المواطنين ويفاقم العزلة الرقمية الاعتداء على أي كادر تعليمي.. أزمة أخلاق أم ضعف قانون؟  احتباس الأمطار.. يهدد البيئة والفلاح ويغلق نوافذ الإنتاج ضمانات المستثمر.. "مفتاح" جذب رؤوس الأموال إلى سوريا