اقطعوا لسانه

منذ أكثر من عشر سنوات جاء في الأخبار أن رجل أعمال أميركي-عربي اشترى جزءاً من أسهم صحيفة عربية شهيرة، ويتوقع مراقبون أن يغيّر في السياسة التحريرية للصحيفة.

الخبر إلى هنا بعث الأمل في قلوب الحالمين بدخول رجال الأعمال العرب في مجال الإعلام دعماً لقضايا الأمة العادلة، وتوضيحاً لها أمام الرأي العام العالمي، وخاصة من لا يعرفون الكثير عن أصل توجه الصحيفة المتوقع تغيير سياستها التحريرية. لكن ما يورده الخبر ذاته عن الملياردير العربي قد لا يسمح لهؤلاء الاستسلام طويلاً لأحلامهم الوردية، فهو من جهة يموّل مركز دراسات يعنى بنشر المعلومات والمعرفة حول حضارات الشرق الأوسط وتاريخه، إلى جانب نشر الدراسات عن الديانات السماوية الثلاثة. وقد أسس صندوق تمويل بالتعاون مع جامعة تكساس من أجل نشر ثلاثة كتب بحثية سنوياً تتناول موضوع الأديان، وموّل بعض المشاريع الفنية حول حضارات وتاريخ الشرق الأوسط. وهو أيضاً شريك مؤسس لمركز دراسات العولمة في الجامعة الأميركية بواشنطن. و هو من جهة ثانية (وربما من الجهة ذاتها) صديق عائلة بوش و شريك شقيق الرئيس الأميركي السابق في إحدى الشركات. كما أنه عضو في مجلس إدارة شركة عمل مؤسسها كمدير للحملة الانتخابية لجورج دبليو بوش وديك تشيني عام 2000. وتملك هذه الشركة مصالح واسعة في مناطق النفوذ الأميركي، وروابط متينة مع عدد من العاملين السابقين في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية. إضافة إلى العلاقة القوية التي تربط بين الملياردير العربي ورجال سياسة عرب منضوون في خدمة المشروع السياسي الأميركي.

قد يساهم ما سبق في توقع السياسة التحريرية الجديدة للصحيفة العربية التي دخل الملياردير العربي شريكاً فيها،غير أنه يقدّم أيضاً نموذجاً آخر عن شكل مساهمة المال العربي في الإعلام، والذي يرتبط بالمصالح الاقتصادية والسياسية لأصحابه المتماهية كلياً مع المصالح الأميركية القائمة أساساً على استغلال ثروات بلادنا (والنفط خاصة)، والسعي لهيمنة إسرائيل على محيطها العربي، وتقدم وسائل الإعلام العربية الكبرى دليلاً على ما سبق، ونستطيع القول (ولو من باب التندر) أن هذا الاهتمام بالإعلام من قبل المتنفذين العرب يضرب عميقاً في تراثنا فحين كان يقال لأحد السلاطين أن شاعراً يهجوه، وكان عمل الشاعر في ذلك الزمان يشبه عمل مؤسسات الإعلام في يومنا هذا، كان يسارع بعض السلاطين للأمر: «اقطعوا عنقه»، فيما بعضهم الآخر كان يأمر بقطع لسان الشاعر والفارق بين الحالين شاسع لا بالمعنى المباشر، وإنما بالدلالة، ففي حين أن قطع العنق يعني الأمر بحذافيره،فإن قطع اللسان كان يعني أحياناً إغداق العطاء للشاعر حتى يكف لسانه عن هجاء السلطان وينتقل إلى كيل المديح له. فلماذا يسعى سلطان عصرنا الأميركي وأعوانه إلى قطع ألسن صحف ومحطات تلفزيونية ومواقع الكترونية تخالف سياسته، رغم ندرتها وضعف تأثيرها؟

الجواب يكمن في فهم هذا السلطان لدور الإعلام ومهمته، وفي كليهما لا يعنيه تبيان الحقيقة، وإنما تصنيع الرأي العام وفقاً لرغباته ومصالحه كقوة هيمنة عالمية.

إضاءات – سعد القاسم

 

آخر الأخبار
"تجارة ريف دمشق" تسعى لتعزيز تنافسية قطاع الأدوات الكهربائية آليات تسجيل وشروط قبول محدّثة في امتحانات الشهادة الثانوية العامة  سوريا توقّع مذكرة تفاهم مع "اللجنة الدولية" في لاهاي  إجراء غير مسبوق.. "القرض الحسن" مشروع حكومي لدعم وتمويل زراعة القمح ملتقى سوري أردني لتكنولوجيا المعلومات في دمشق الوزير المصطفى يبحث مع السفير السعودي تطوير التعاون الإعلامي اجتماع سوري أردني لبناني مرتقب في عمّان لبحث الربط الكهربائي القطع الجائر للأشجار.. نزيف بيئي يهدد التوازن الطبيعي سوريا على طريق النمو.. مؤشرات واضحة للتعافي الاقتصادي العلاقات السورية – الصينية.. من حرير القوافل إلى دبلوماسية الإعمار بين الرواية الرسمية والسرديات المضللة.. قراءة في زيارة الوزير الشيباني إلى الصين حملات مستمرة لإزالة البسطات في شوارع حلب وفد روسي تركي سوري في الجنوب.. خطوة نحو استقرار حدودي وسحب الذرائع من تل أبيب مدرسة أبي بكر الرازي بحلب تعود لتصنع المستقبل بلا ترخيص .. ضبط 3 صيدليات مخالفة بالقنيطرة المعارض.. جسر لجذب الاستثمارات الأجنبية ومنصة لترويج المنتج الوطني المضادات الحيوية ومخاطر الاستخدام العشوائي لها انطلاقة جديدة لمرفأ طرطوس.. موانئ دبي العالمية تبدأ التشغيل سوريا والتعافي السياسي.. كيف يرسم الرئيس الشرع ملامح السياسة السورية الجديدة؟ هل تسهم في تحسين الإنتاجية..؟ 75 مليون دولار "قروض حسنة" لدعم مزارعي القمح