لم يعد ارتفاع الأسعار الجنوني وحده يقلق المواطن ويقض مضجعه وينكد معيشته بل إن ضعف القوة الشرائية وندرة المردود والدخل الذي بالكاد يؤمنه قادر على أن يسدّ الجزء الضئيل من متطلبات الحياة اليومية رغم البحث المستمر والمضني ليل نهار عن عمل مهما كان ولو في ظروف قاسية وحتى غير آمنة .
هذا الحال يقابله حالات من نشاز وفلتان الأسواق وحركة البيع والشراء ،وكأننا أصبحنا في حال يحق لكلّ من يمتهن البيع والتجارة أن يبيع كما يرغب وحسب مصلحته في ظل غياب وتغيّ:ب لأي نوع من الرقابة الفاعلة يضاف إليها جشع وفجور نماذج كثيرة ممن يعملون في هذا الحقل .
وكي لا يقال: إننا نبخس بعض الجهات المعنية حقها في محاولة ضبط الأسواق والحدّ من ارتفاع الأسعار وجنونها. فهناك من يسعى ويعمل لتحقيق ذلك والنية متوافرة لكنّ الأمر يحتاج إلى أكثر من ذلك ويتطلب وضع آليات وإصدار قوانين وتشريعات جديدة مع متابعة متواصلة لتطبيقها على أرض الواقع ويشعر الجميع بذلك كي توجد حالة من الردع والانضباط في الحالة الشاذة في حركة الأسواق ،خاصة ما يتعلق منها بالاحتياجات الضرورية للناس في المأكل والملبس واستمرار العيش ، فلا يكفي أبداً وجود النية الصادقة في واقع أصبح معقداً تحكمه الفوضى وقلّة الأخلاق والجشع …!
إن آخر هم المواطن ما يقوم به أي مسؤول من جولات وزيارات ولا تعنيه أبداً إلا بمقدار ما تنعكس على معيشته وتأمين الخدمات الأساسية اللازمة في حياته ، فلا زيارة أو جولة لوزير تكسب اهتمام الناس وتلفت انتباههم إلا في حال حققت نتائج فعلية يلمسوها ،بل تصبح هذه الجولات والزيارات محطّ أحاديثهم وجلساتهم من منظور آخر يتحول إلى الانتقادات وبالتالي غياب الثقة في الأداء وزيادة في الفجوة القائمة بين هذا المواطن وذاك المسؤول .
إن آخر هم المواطن متابعة الاستعراضات والتصريحات أو انتظار موعد لقاء إذاعي أو تلفزيوني وما شابه له علاقة بالشأن العام والأوضاع المعيشية إلا بما ينتج عنه ويغير في واقع الحال، وهذا ما هو مفقود تماماً وتزداد الثقة بعدم وجوده إن آخر هم المواطن الورشات والندوات والمؤتمرات والمعارض إن لم تلامس همومه وأوجاعه ومعاناته ومن هنا لا بدّ من إجراءات ووقائع جديدة تجترعها الجهات المعنية ليلمسها المواطن فعلاً لا قولاً ومن هنا تكون البداية الصحيحة .
حديث الناس- هزاع عساف