الثورة أون لاين – حسين صقر:
كثيرة هي الأمراض التي لم نسمع بها من قبل، ودوار الوضعة الانتيابي أحدها، فهو عبارة عن شعور كاذب بالدوران، يشعر المريض أن المحيط والأشياء تدور من حوله، والجيد في الأمر أنه ليس مهدداً للحياة ولايشكل أي خطر، ولاسيما إذا تمت معالجته، حيث يأتي للمريض في بادئ الأمر فجأة وعلى شكل نوبات قصيرة لأقل من دقيقة، وذلك بالتزامن مع حركة رأسه أو جسده.
المرضى المصابون في هذا النوع من الدوار يعانون من الغثيان والتقيؤ، وقد تتحرك أعينهم بشكل غير طبيعي، ويستند الطبيب في التشخيص إلى الأَعراض، والحالات التي تحدث فيها وكذلك الفحص السريري.
وللحديث أكثر عن هذا الموضوع التقت ” الثورة” الدكتور عماد عبد الباقي الاختصاصي بأمراض وجراحة الأنف و الأذن والحنجرة و جراحة الرأس والعنق وتخطيط السمع، حيث قال: دوار الوضعة هو اضطراب شائع يُسبب نوبات قصيرة من الدوار أي إحساس خفي بالحركة أو الدوران، وذلك استجابة لتغير وضعية الرأس التي تحفز القناة الهلالية الخلفية في الأذن الداخلية.
وأضاف: يصف معظم المرضى هذا الإحساس المزعج على أنه “دوخة”، على الرغم من أن الناس يستخدمون مصطلح “الدوخة” لوصف أحاسيس أخرى مختلفة، مثل خفة الرأس، لكن يُشير مصطلح الدوار “الموضعي” إلى أن الدوار يحدث عندما يغير المريض وضعيته، كما لو استلقى على السرير، أو أدار رأسه، في حين تشير كلمة “حميد” إلى أن هذا الاضطراب ليس خطراً، منوهاً ان هذا الاضطراب يؤثر على الأشخاص بشكل متزايد مع تقدمهم في السن، ويمكن أن يؤثر بشكل بالغ على التوازن عند كبار السن، الأمر الذي قد يؤدي إلى السقوط والتسبب بالإصابة.
وأوضح عبد الباقي أنه تتحفز معظم نوبات هذا الاضطراب عندما تنزاح جسيمات الكالسيوم أو غبار الأذن والتي توجد بشكل طبيعي في الأذن الداخلية والكٌييس، وتتوضع في جزء آخر من الأذن الداخلية، و غالباً في القناة الهلالية الخلفية.
حيث تحتوي الأذن الداخلية على ثلاثة قنوات هلالية تساعد في وظيفة التوازن.
وأشار أن القناة الهلالية الخلفية تعد المكان الأفضل لتجمع معظم الجسيمات المنفلتة بسبب الجاذبية أثناء الليل، وذلك خلافاً للقناة العلوية و التي تُسمى أيضًا القناة الأمامية والقناة الوحشية، منوهاً أنه مع تجمع الجسيمات، تتشكل كُدارة طبشورية تُضخم حركة السوائل في القناة عند تغيير وضعية الرأس، لتكون النتيجة تحفيز المستقبلات العصبية بشكل زائد (الأهداب الخلوية) داخل القناة الخلفية، مما يُسبب إحساساً كاذباً بالحركة أو الدوران.
واضاف أيضاً يمكن للجسيمات أن تنزاح من الداخلية القريبة والكييس مع التقدم في السن. أو قد ينجم الانزياح عن: عدوى الأذن، وإصابات الرأس أو الأذن، و الاستراحة المطولة في السرير، و
العمل الجراحي في الأذن، واضطرابات الأذن الداخلية الأخرى مثل داء مينير، وانسداد محتمل في الشريان المُغذي للأذن الداخلية.
وقال الدكتور عبد الباقي: يمكن لدوار الوضعة الحميد أن يكون مخيفاً ومزعجاً، ولكنه عادة ما يكون غير ضار، ويختفي من تلقاء ذاته، لكن المريض قد يعاني من نوبات عديدة على مدى بضعة أيام أو أسابيع، ومن ثم تتلاشى النوبات تدريجياً من تلقاء ذاتها، وعلى الرغم من أن الأعراض ليست خطيرة، ولكنها قد تؤدي إلى السقوط أو غير ذلك من الحوادث في حال حدوث نوبة دوار في أثناء قيام الشخص بمهمة تنطوي على الخطورة، مثل قيادة السيارة.
وبشأن التشخيص قال عبد الباقي، يتم الاعتماد على مايسمى مناورة ديكس-هولبايك، واختبارات التصوير أحياناً، كما يستند التَّشخيص إلى وصف الأعراض والظروف التي تحدث فيها.
وأوضح أن مناورة ديكس- هولبايك تساعد على تحريك الجسيمات من جزء الأذن الذي تسبب فيه الدوار إلى جزء الأذن الذي تكون فيه غير مؤذية وفق آلية معينة يستخدمها الطبيب.
أما عند المرضى الذين يعانون من دوار بسبب اضطراب دماغي مثل السكتة الدماغية أو التصلُّب المتعدِّد، وهو حالة أكثر خطورة، فإن مناورة ديكس-هولبايك تُحفز الأَعراض على الفور، ويستمر الدوار طالما بقي الرأس في نفس الوضعية، ولا يحدث التعود عندما تتكرار المناورة.
وأشار تُجرى اختبارات التصوير مثل الرنين المغناطيسي المعزز بالغادولينيوم عندما يكون الطبيب غير متأكد ما إذا كان الدوار ناجماً عن اضطراب آخر، ربما يكون خطيراً.
وختم عبد الباقي حديثه بالقول: يُعالج دوار الوضعة الانتيابي الحميد بسهولة، حيث يتطلب الأمر إجراء مناورات شبيهة بشقلبة الرأس، تُدعى مناورة كاناليث لإعادة التموضع، ومثالها مناورة إيبلي، وتحسن هذه المناورة الدوار عند 90% من المرضى، وإن تكرار المناورة قد يعود بالفائدة على عدد إضافي قليل من المرضى، وقد يصف الطبيب أدوية مثبطة دهليزية لتسكين الأعراض لمدة قصيرة، وقد تستطب الجراحة في حالات نادرة جداً.