رغم تحرير الأرض فمنذ عدة سنوات وإنتاج الشوندر السكري يُحول إلى علف لعدم كفاية الكميات لتشغيل المعمل، وإنتاجنا من القطن لا يكفي لتشغيل شركات القطاع العام رغم أن حصتها من السوق لا تتجاوز عشرة بالمائة، القمح في أدنى إنتاج له منذ ثلاثين عاماً والأمر يُمكن سوقه على كثير من المنتجات الزراعية.
سورية بلد زراعي بالدرجة الأولى وبعده بمسافة تترتب القطاعات الأخرى لأن صناعتنا في معظمها تقوم على الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني من النسيج إلى الكونسروة الى الجلود الى الزيوت والتبغ وغير ذلك، وإذا استثنينا هذه الصناعات من ملف الصناعة السورية فلن يكون لنا توصيف صناعي.
إذاً مشكلتنا في كل القطاعات حلها يبدأ من القطاع الزراعي الآخذ في التدهور، وما لم تتغير عقلية التعاطي مع هذا القطاع فلن يكون بلدنا بخير ولا مستوى معيشة مواطنينا، وستزداد مشكلة البطالة وحينها لا نعلم في أي بلد ستتجمع كفاءاتنا وشبابنا وخبراتنا التي بتنا نفتقدها.
التعاطي مع المزارعين بهذه الطريقة سيدفع الى مزيد من التدهور، فلا سماد ولا محروقات ولا مبيدات وتسعيرة لا تغطي كلفة الإنتاج وقرارات مجحفة لإلزام المزارعين لتسليم الإنتاج بتلك الأسعار.. وغير ذلك من المعاناة، كلها دفعت لتراجع الإنتاج، فالدعم الزراعي يكون بتأمين المستلزمات، واستلام الإنتاج بأسعار الكلفة وليس على أساس الدعم الذي لم يقدم.
غريب أن نزرع الشوندر ونحوله لعلف، غريب أن يكون سعر الشعير بـ 1400 للكيلو والقمح بـ 900 ليرة، غريب أن يُعبر نقل مئة كيلو قمح لمقايضتها بتنكة زيت متاجرة، غريب أن يدفع مزارع ينقل البذار أو السماد إلى الأرض أتاوات على الطرق، غريب أن نستورد ما يُمكن أن ننتجه بأسعار مضاعفة ولا نعطي ما يماثلها لمنتج محلي مع ميزة عدم الحاجة إلى القطع الأجنبي.
القطاع الزراعي بأسوأ حالاته ولن تتحسن أحوالنا ما لم يتحسن، فالقطاع الزراعي يُمكن أن يؤمن الزيوت والقمح والقطن والسكر واللحوم والجلود وكل ما يحتاجه البلد.
على الملأ – بقلم مدير التحرير معد عيسى