خير كلام ما قل ودل وفي علم البلاغة أن الإيجاز يعني العمق والقدرة على التركيز، وثمة قول آخر أن الإنسان يبقى ثلاث سنوات وربما أكثر حتى يتعلم الكلام، ولكنه بعد ذلك يقضي العمر كله حتى يتعلم الصمت والإصغاء والقدرة على أن يحول كلامه إلى شيء مفيد.
من هنا يقفز أمامنا القول التالي: إذا كان الكلام من فضة فالصمت من ذهب ..
ولكن هذا كما يظن البعض دعوة لعدم الكلام ..لا…ألم يقل أحد الفلاسفة لشخص ما: تكلم حتى أراك..؟
لأعرف كيف تفكر .. مستواك الثقافي والعلمي وغير ذلك ..فالمرء مخبوء وراء لسانه فما في القلب والعقل يظهران في الكلام وفي نفثات كثيرة ..ويصح هنا القول الكلمة الناطقة صادقة أي التي تصدر عفو الخاطر.
بكل الأحوال والكلام في هذا الزمن بضاعة بعضها غث لا قيمة له .. بل يجر الكثير من الندم والمواقف السلبية عند العامة من الناس..فكيف إذا كان كلام مسؤول ما في أي زمان ومكان يقاس ويزان بميزان الذهب .. فقد يبقى ذهباً أو يكون تنكاً أصابه الصدأ..
من هنا لا يكثر المسؤولون في العالم مهما كانوا من الأحاديث ولا يتنطحون ولا يعدون بما ليس لهم مقدرة على تنفيذه لأن الكلمة وعد وعهد ..وفي البدء كانت الكلمة.
ونحن اليوم بأمس الحاجة إلى أن يتقن الكثيرون منا فن البلاغة واقتصاد اللغة، وأن تكون بلاغة الفعل قبل القول .. في المشهد السوري بعد هذه الحرب المجنونة علينا جربنا كل شيء، وحفظنا الكثير الكثير من تصريحات كانت تقرب البعيد وتبعد القريب ..ولم تكن إلا استهلاكاً للوقت ومحاولة تذاك مكشوفة.
ومع ذلك ثمة من يمضي بها ومازال يركب الموجة…بلاغته تصريحات زرقاء لا تغني من جوع ولا تقارب مشكلة بل تزيدها تعقيداً.
لقد ذكرنا ذلك بمسألة (دم البعوضة حلال أم حرام).. في بلد أي بلد تجد أحدث طراز مما ينتج في العالم وبكلف هائلة ومع ذلك هناك من يشغل نفسه بأكياس نايلو الخبز .. هل يعقل ذلك ؟ شعب قاوم وضحى وانتصر..هكذا يفكر بعض مسؤوليه ..
لماذا لا تكون بلاغة فعلهم متابعة وإنجازات وقدرة على ضبط وقمع الغش والتدليس وارتفاع الأسعار وتأمين رغيف خبز بمواصفات جيدة..
بلاغة المسؤول هي إنجازه لا ما يقوله ..بل ما يقوله الواقع وما يردده الناس.
معا على الطريق – ديب علي حسن