افتتاحية الثورة – بقلم رئيس التحرير – أحمد حمادة:
صفعة جديدة للكيان الإسرائيلي في الأمم المتحدة، وجهتها له مئة وخمس وعشرون دولة، في مقدمتها مجموعة “السبع وسبعين” والصين، والمجموعة العربية، ووصفها المحللون بالهزيمة الساحقة.
بالمختصر فشل الكيان الإسرائيلي بتمرير مقترحه في أروقة الجمعية العامة لإلغاء اعتماد ميزانية لجنة تقصي الحقائق للنظر في انتهاكاته بحق الفلسطينيين، ولم تصوت معه سوى حليفته المتغطرسة (أميركا) وست دول أخرى، ربما لا يراها أحد على الخارطة.
لكن الأهم من ذلك أن ننظر بعد هذه الصفعة إلى حجم الحصاد الإيجابي، الذي يمكن للعالم الحر أن يجنيه، ويمكن أن يشكل علامة فارقة بوجه هذا الكيان الغاصب وحليفته واشنطن، حين تتكاتف دوله، وتقف صفاً واحداً ضد خططه وإرهابه، فقد حاول هذا الكيان المارق إلغاء اعتماد الميزانية المذكورة، وقبلها حاول أن يطوي قرار “حقوق الإنسان” بتشكيل لجنة التحقيق الدولية المستقلة والدائمة للنظر بانتهاكاته للقانون الدولي الإنساني، وإنهاء إفلاته من العقوبة، وإنصاف الضحايا، لكنه خاب مرتين، في الأولى والثانية.
الآن، وبعد الصفعة، لا بد لهذا الكيان أن يعي جيداً بأن العالم الحر قادر على لجمه، ومحاسبته، ووضع حد لإرهابه، وأن الزمن الآتي ربما يحمل له مواقف دولية أكثر حزماً، قد تحاسبه على تشريده للشعب الفلسطيني، وربما تجبره على تعويضه عن مصادرة أملاكه، وتجعله يدرك أن مخططاته بالاستيطان والاحتلال هي مجرد أوهام، وتردعه عن القيام بأي عدوان ضد دول المنطقة.
فعالم اليوم، بأقطابه الجدد، بمجموعة السبع وسبعين، بقواه الحية الصاعدة، بمجموعة “بريكس”، لن يسمح له أن يستمر باحتلاله، وقفزه فوق الشرعية الدولية، وسيربك حساباته، وحسابات أميركا التي تقف خلفه، وسيقول كلمته الفصل بأنه لن يسمح لحملات التهويد الممنهجة بالمرور، ولا بالإرهاب أن يتواصل.
مئة وخمس وعشرون دولة تقولها اليوم بالفم الملآن: “كفى إرهاباً صهيونياً”، وستقولها لواشنطن، التي اعتادت حماية الكيان الإسرائيلي من المساءلة القانونية، لن تتمكني من حماية هذا الكيان كما في المرات السابقة.
ومع صفعة اليوم للكيان الإرهابي نعود بالذاكرة إلى إعلان المحكمة الجنائية الدولية ولايتها على الأراضي الفلسطينية، وأنها معنية بأي جرائم حرب ترتكب بحق الشعب الفلسطيني، لنقول: إن خطوط واشنطن الحمراء التي وضعتها بوجه المحكمة ستجد العالم الحر، وقد تخطاها أيضاً، بتكاتفه بوجه الطغيان، وفرضه لإرادة الشعوب، وطي صفحة السطوة الأميركية على المنظمات الدولية، ولنقول أيضاً: إن هذا العالم الحر سيجبر الكيان الإسرائيلي على الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني والانسحاب من قدسه، وكل أرضه المحتلة، ووقف إرهابه ومجازره واستيطانه وجرائمه وممارساته التعسفية بحق المنطقة برمتها.