عندما يُفتح باب الحديث عن العقوبات الغربية الظالمة ضد الدول الأخرى، يحضر على الفور النموذج الكوبي الذي عمره أكثر من 60 عاما، حيث لم تبق الولايات المتحدة الأميركية ومعها أتباعها الأوربيون صيغة من صيغ العقوبات والحصار ضد هافانا إلا واستخدموها، إلا أنهم لم يجنوا منها إلا الخيبة والفشل، وبقيت كوبا صامدة مقاومة إلى يومنا هذا، ومتمسكة بنهجها التحرري الذي أصبح أنموذجا يحتذى به.
والمقال الذي نشرته صحيفة الاندبندنت البريطانية بعنوان “الغرب مغرم بالعقوبات، لكن المشكلة أنها لا تنجح” يختصر الحديث عن أبشع وأقذر السياسات الغربية الاستعمارية على مدار أكثر من نصف قرن، والتي قتلت بشكل صامت جوعا وعطشا ومرضا عشرات الملايين من البشر، وخاصة الأطفال منهم.
واليوم وفي الوقت الذي يواجه فيه العالم خطر تنظيم داعش الإرهابي والتنظيمات الأخرى المرتبطة به، بالتوازي مع استنفار الحكومات والشعوب لمواجهة فيروس كورونا بكل متحوراته، يواصل الغرب ذاته بقيادة الولايات المتحدة سياساته الإجرامية ذاتها ويمعن بها أكثر، بحق العديد من الدول التي ترفض سياسة التبعية والإذلال الأميركية، ومنها سورية التي تواجه منذ أكثر من عشر سنوات الإرهاب الداعشي متعدد الجنسيات.
ورغم أن سياسة العقوبات أثبتت فشلها منذ عشرات السنين ولم ينتج عنها سوى اتساع مساحة الجوع والفقر والمرض والموت في المناطق المستهدفة، إلا أن الحكومات الغربية ما زالت متمسكة بها ومغرمة بها، والإجراءات القسرية الأحادية وما يسمى قانون “قيصر” الأميركي التي يتم فرضها منذ عدة سنوات على الشعب السوري تعد من أحدث النسخ التي ابتكرها العقل الاستعماري الغربي على الإطلاق، الأمر الذي ينافي كل ادعاءات واشنطن ومنظومتها العدوانية بمحاربة الإرهاب ومواجهة وباء كورونا الذي حصد أرواح ملايين الأشخاص حول العالم، وهذا كله لا يمت بشيء للحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان التي يتغنى بها سياسيو الغرب، وتطبل له ماكيناتهم الإعلامية، والتي يحاولون تعميمها على الآخرين على ظهر الدبابة
حدث وتعليق – راغب العطيه: