إنها نفسية المستعمرين.. تلك التي تفصح عنها تصرفات مسؤولي الغرب في كل مناسبة وفي كل مكان، فمن الشرق البعيد إلى الأوسط وصولاً إلى كل بقعة في هذه المعمورة، كانت سياسات النهب والسرقة والاستغلال، وامتهان إنسانية الإنسان وسفك الدماء ونشر الإرهاب والفوضى والحروب، هي الماركة المسجلة باسم دول الغرب، من بريطانيا العظمى سابقاً وشريكتها فرنسا إلى متزعمة الاستعمار الحديث الولايات المتحدة الأميركية في عصرنا الراهن.
ومع أن جميع شعوب العالم أدركت خطورة هذه السياسات اللا إنسانية واللا أخلاقية على مدى نحو قرن من الزمن ، إلا أن واشنطن واتباعها الأوروبيين يواصلون حملات التضليل والتجهيل لتشويش الرأي العالم العالمي حول العديد من القضايا الساخنة في منطقتنا والعالم، متناسين أن المتغيرات الدولية تفرض نفسها دون إذن من أحد، كالذي يسود هذه الفترة في العالم، والذي بدأت إرهاصاته تتشكل مع صمود سورية وشعبها في مواجهة الحرب الإرهابية المعلنة ضدها منذ ربيع 2011 ، وما رافق ذلك من بروز لدور روسيا الاتحادية كدولة عظمى لها كلمتها على الساحة الدولية، توازياً مع الصعود الاقتصادي الصيني وكذلك بعض الدول الأخرى في آسيا وأميركا اللاتينية.
وما يجري اليوم في أوروبا الشرقية، وخاصة في أوكرانيا وما حولها لا يخرج عن الأجندات الاستعمارية الأميركية والغربية، فكل تحركات الدول الغربية ورأس حربتها حلف الناتو تأتي في سياق المحاولات المستميتة من جانبهم لمحاصرة روسيا من خلال تقدم الناتو مادياً نحو الحدود الروسية عن طريق ضم الدول المحيطة بروسيا إليه، الأمر الذي ترفضه موسكو بشدة ولن تسمح به حتى ولو كان بالقوة.
والساحة الأوكرانية المشتعلة اليوم تمثل إلى جانب سورية، إحدى نماذج الصراع بين الخير والشر والتباين بين الأهداف السامية والأجندات المشبوهة التي ولّدت علاقة ساخنة ومتوترة بين دول تلتزم بالقانون الدولي ومبادئ الأمم المتحدة وتدافع عنها، وبين دول تخرق هذا القانون وهذه المبادئ كل ساعة، وتعمل على تحقيق مصالحها الأنانية الضيقة بشكل يهدد السلم والأمن الدوليين بشكل خطير للغاية، دون حساب للعواقب الوخيمة التي تترتب على ذلك.
حدث وتعليق -راغب العطية