في آخر الأضاليل والأكاذيب المتعلقة بما يسمى حربه على الإرهاب، يؤكد التحالف الدولي المزعوم ضد داعش والذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية منذ العام 2014 أنه لم تعد لديه أي قوات تقوم بدور قتالي في العراق منذ بداية الشهر الجاري، ما يعني أنه غيّر في وظيفة قواته التي لم يكن في حساباتها أصلاً محاربة التنظيم الإرهابي المذكور، بدليل أن التنظيم شهد أوج نشاطه وتمدده ونفّذ أبشع مجازره وانتهاكاته ومسلسلاته الهوليودية المرعبة بالتزامن مع إنشاء التحالف المزعوم وبدء غاراته الجوية التي دمرت مدنا وبلدات في العراق وسورية، ولولا البطولات والتضحيات التي قدمها كل من الجيش العربي السوري مدعوماً من حلفائه، والجيش العراقي والحشد الشعبي لكانت “دولة” الخلافة الداعشية حقيقة واقعة لها تمثيل دبلوماسي وسفارات في واشنطن وعواصم غربية وإقليمية.
تأكيدات التحالف الجديدة تشير إلى مهمات غير معلنة لقواته مثل إثارة الفوضى والانقسامات وتشجيع الأزمات الاقتصادية والسياسية ودعم الحركات الانفصالية في كل من العراق وسورية لإنشاء كيانات وكانتونات مأجورة مرتبطة بالكيان الصهيوني، وكذلك سرقة ونهب ما تيسر من ثروات البلدين، وهذا بالضبط ما تفعله القوات الأمريكية حالياً في الشمال السوري، إلى جانب التدخل المباشر وغير المباشر في الشؤون الداخلية للبلدين، حيث لا تكف واشنطن عن التشدق بقيم مثل الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان لتبرير تدخلاتها غير الشرعية في كل مكان بما في ذلك روسيا والصين، وكأنها الوصي الشرعي على أمم وشعوب الأرض جميعاً.
لعل الجميع يتذكر الفترة الأكثر دموية للتنظيم الإرهابي والرعاية المباشرة له من قبل الولايات المتحدة والنظام التركي، فاتهامات دونالد ترامب لإدارة أوباما برعاية التنظيم لم تجد من يدحضها أو ينفيها، كما أن دعوة ترامب للدول الغربية لاستعادة مرتزقتها من التنظيم بعد انهياره مازالت حاضرة في البال، وقد تساءل الكثيرون في حينه أين وكيف تبخر عناصر التنظيم ليظهروا في مناطق أخرى، كمصر وليبيا وأفغانستان وغيرها، في تأكيد على العلاقة المشبوهة التي تجمع واشنطن بالتنظيم الإرهابي.
إن انتهاء “المهمة القتالية” لقوات التحالف الدولي لا تعني بالضرورة انسحاب هذه القوات من العراق أو سورية، وعدم تدخلها بالشؤون الداخلية للبلدين، كما أنها لا تعني انتهاء التوظيف الأميركي للتنظيم الإرهابي، حيث مازالت فلوله تقوم ببعض الأعمال التخريبية والإجرامية برعاية أميركية، وهذا ما يجب التركيز عليه ومعالجته في الفترة القادمة
البقعة الساخنة – عبد الحليم سعود: