وزير التجارة الداخلية في حوار مفتوح مع صحفيي الثورة وتشرين: اقتربنا من تطبيق العدالة في توزيع الدعم ولا مساس فيه للمستحقين
الثورة: رولا عيسى – ثورة زينية – هنادة سمير – جاك وهبة:
– المستبعدون من الدعم هم الصاغة وأصحاب المدارس والمشافي والجامعات الخاصة ومالكو الأسهم في الشركات
– ألف معتمد خبز في العاصمة مطلع شباط
– مئتا ليتر مازوت لكل بطاقة واستكمال التوزيع على دفعات
مظلة الدعم في ظل الحصار الاقتصادي الجائر هو العنوان العريض للقاء وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك الدكتور عمرو سالم اليوم مع الصحفيين في صحيفتي الثورة وتشرين بمبنى مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر.
بداية أعلن وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك أن أولوية اختيار الفئات المستبعدة من الدعم هي لمن لديهم القدرة على تأمين تلك المواد المدعومة من دون بطاقة إلكترونية وللقادرين على شرائها بأسعارها الحقيقية المحددة من وزارة التجارة الداخلية في الأسواق المحلية، وبالتالي ترك المجال للفئات المستحقة ممن هم من فئة ذوي الدخل المحدود والفقراء، منوهاً بأن الهدف الأول والأخير من توجيه بوصلة الدعم هو تأمين هذه المواد لكل الشرائح بمبالغ تناسب قدرة كل شريحة، موضحاً أنه من غير الطبيعي أن تقارن القدرة المالية للموظفين والعسكريين والمتقاعدين بقدرة من هم يعملون في التجارة والاستثمار أو للمسافرين خارج البلد الذين لم يزوروا الوطن لأعوام مضت، وبهذا فإن تحديد الشرائح سوف يعيد التوازن إلى الدعم وتأمينه بالكميات المطلوبة بما يلبي حاجة الجميع.
ولفت الوزير سالم إلى وجود 100 ألف بطاقة إلكترونية “تم ضبطها” لأشخاص متوفين ويتم العمل بها واستخدامها في الحصول على المواد المدعومة من بعض الأشخاص للحصول على الدعم، إضافة لبطاقات مواطنين مقيمين خارج سورية، وهذا كله يكلف الدولة المليارات من الليرات لقاء هذا الدعم الذي لا يصل في جزء منه إلى مستحقيه، وعليه تم العمل على مراجعة هذه الشرائح وتحديد من هم الأشخاص الذين يملكون سيارات خاصة تعمل بمحرك 1600 cc وتم شراؤها عام 2008 وما بعد بعناية ومن دون الاقتراب من الموظفين في الدولة.
وأشار سالم إلى أن من بين المستبعدين هم مثلاً الصاغة والشركاء في المشافي الخاصة ومن لديهم مدارس وجامعات خاصة ومساهمون في شركات مساهمة المدرجة في سوق دمشق للأوراق المالية ممن يملكون سيارات إدخال مؤقت وشركات ومنظمات دولية واستثنى منها العائديات الروحية.
ونوه بأن السير بالدعم وإيصاله إلى مستحقيه سيوفر المواد للجميع محدداً سعر كل مادة خارج البطاقة الالكترونية “البنزين للفئات المستبعدة من الدعم بـ 2500 ليرة سورية والمازوت بـ 1700 ليرة والخبز بـ1300 ليرة والغاز بـ30 ألف ليرة” وهي التكلفة الحقيقية التي تتحملها الدولة لتأمين تلك المواد.
الاعتراض متاح للمستحقين
ولفت الوزير إلى أنه بإمكان كل صاحب بطاقة يتم استبعاد اسمه من الدعم ولا تنطبق عليه الشروط المحددة للاستبعاد من الدعم أن يقدم اعتراضاً في حال شعوره بالغبن، من خلال المنصة الإلكترونية التي تم إحداثها لهذا الغرض “للاعتراض” أو من خلال برنامج وين والتلغرام، ولكل شخص الأسباب الموجبة لاستبعاده من قائمة أو شريحة المشمولين بالدعم.
وتطرق الوزير إلى حجم الأعباء التي تتحملها الدولة نتيجة الحرب العدوانية الظالمة والعقوبات الاقتصادية الجائرة التي وقفت حجر عثرة في تأمين المواد الأساسية والمشتقات النفطية ومنع وصولها إلى المواطنين بدءاً من استهداف السفن والآبار النفطية وصولاً إلى استهداف العدو الإسرائيلي الأخير لميناء اللاذقية، حيث كان استهدافاً همجياً للحاويات المحملة بالمواد الغذائية والأدوية والمواد الأولية الداخلة في العملية الإنتاجية الصناعية وصولاً إلى حليب الأطفال.
وكان سالم أشار إلى أن أهم ما يميز السياسة الاقتصادية في سورية عن باقي الدول هو أولوية الحفاظ على الدعم للمواطنين وإصرار السيد الرئيس بشار الأسد ومتابعة شخصية لاستمرار الدعم وتأكيد سيادته أنه لا مجال للمساس بالدعم المقدم من الدولة إلى المواطنين.
ملف المطاحن
وقال الوزير سالم: إن الملفات التي وضعت على طاولتي بداية تسلمي لمهامي في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك كانت كارثية، وتحتاج إلى معالجة سريعة، أولها كان ملف المطاحن والتي كان بعضها مهدداً بالانفجار نتيجة تراكم غبار الدقيق بكميات كبيرة، مشيراً إلى كمية الخطر الكبير الذي يمكن أن يسببه انفجارها، مستشهداً بما حصل في إحدى مطاحن درعا سابقاً، والذي أدى إلى وفاة عشرات الأشخاص، فتمت معالجة هذا الملف ضمن الإمكانيات المتاحة.
ولفت إلى الدور الكبير الذي لعبته المطاحن سابقاً، والتي تم تدمير معظمها بشكل كلي أو جزئي، ولاسيما في مناطق الشمال، كما تمّ تعطيل أخرى منها بشكل ممنهج لمصلحة مطاحن تابعة للقطاع الخاص، نشأت خلال فترة الحرب العدوانية على سورية.
ملف احتكار السكر
وبيّن أن الملف الثاني كان ملف احتكار السكر الذي تمت معالجته بأسرع وقت ممكن وتوفير المادة في السوق وإحالة المحتكرين للقضاء وتغريمهم بمبالغ مالية كبيرة.
الزيوت النباتية
أما الملف الثالث فكان ملف الزيوت النباتية والشحُّ الذي أصاب السوق نتيجة عدم توافرها، متطرقاً إلى الدور السلبي الذي تلعبه بعض وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي في خلق شرخ يضعف الثقة بين الحكومة والمواطن من خلال إشاعات وتلفيق الأخبار غير الدقيقة حول المواد المدعومة، مشيراً إلى ما حصل عند إضافة الزيت إلى المواد المدعومة وتخصيص كل بطاقة ذكية بعبوة زيت واحدة شهرياً، وكيف حاولت بعض الوسائل تسويق وجود زيت أرخص من الزيت المباع في مؤسسات السورية للتجارة، ليتبين لاحقاً أن الزيوت الموجودة غير صحية، وترتفع فيها نسبة المواد غير الصالحة للاستهلاك البشري إلى عشرات الأضعاف، لكونها لم تخضع للتحليل، ودخلت بطرق غير شرعية إلى الأسواق المحلية، موضحاً أن تسعة مصانع للزيوت النباتية توقفت بالكامل خلال الحرب العدوانية على سورية، كانت تزوّد الأسواق المحلية، وتصدر كميات جيدة للأسواق الخارجية بأفضل المواصفات، مضيفاً: قمنا بالعمل على مساعدة بعضها بتأمين المواد الأولية وبعض المستلزمات للإقلاع من جديد، واستطعنا استجرار كميات من المادة لإضافتها إلى مواد الدعم ضمن الإمكانيات المتاحة.
حصر المعتمدين بالبقاليات
وفي معرض رده على أسئلة الزملاء الصحفيين، تطرق وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك إلى الآلية المتبعة في توطين مادة الخبز، حيث أبدى عدم اقتناعه بها، معتبراً أن توطين الخبز إجراء وليس سياسة متبعة، مشيراً إلى العاصمة دمشق كمثال، حيث إن هناك أكثر من 400 ألف بطاقة لتوزيع الخبز، ولا يصل عدد المعتمدين فيها لأكثر من 340 معتمداً، وسيتم زيادة عدد المعتمدين إلى أكثر من ألف معتمد خلال الفترة القريبة المقبلة للتخفيف من الازدحام الحاصل حالياً أمام الأفران، على أن يكون المعتمد صاحب بقالية حصراً، لأنه تبين ومن خلال المتابعة أن كثيراً من المعتمدين حالياً هم إما حلاقون وإما أصحاب مكاتب عقارية أو محال تصليح سيارات وغير ذلك.
تأمين الاحتياجات الكبرى
وأكد الوزير أن السياسات الاقتصادية المتبعة في سورية لا تخضع لأمزجة وأهواء المسؤولين عنها، وإنما هناك إجراءات قد تتخذ بشكل يتناسب مع الظروف والمتغيرات المحلية والخارجية، لأنه حالياً يتم التركيز على الأولويات والاحتياجات الكبرى وتأمينها ضمن الإمكانات المتاحة المادية واللوجستية، كالقمح والرز والسكر والأدوية والمحروقات.
نقل الخبز بسيارات مغلقة
وبيّن الوزير سالم أنه تم إصدار آلية جديدة لنقل مادة الخبز، بحيث يتم تخصيص مجموعة سيارات مغلقة مزودة برفوف لكل فرن تقوم بتحميل الخبز ونقله بطريقة صحيحة بعد تبريده وإيصاله للمعتمدين على أن تطبق هذه الآلية الجديدة بداية شهر شباط القادم في كل من دمشق وريفها.
أريد دعماً
ولفت الوزير إلى أن الوفورات المحققة من رفع الدعم عن عدد معين من الشرائح ستعود لمصلحة الشرائح الأخرى المستحقة للدعم، مشيراً إلى أنه سيتم إدراج خيار الاعتراض ضمن برنامج وين والعمل على معالجة أي اعتراض أو مشكلة فوراً، كما سيكون هناك وخلال فترة قصيرة برنامج آخر تابع للوزارة باسم (أريد دعماً) ومن خلاله يستطيع من هم بحاجة ويريدون الحصول على دعم إضافي ملء المعلومات المطلوبة من خلال الاستمارة الإلكترونية تمهيداً لدراسة الحالة وتقديم الدعم لها في حال كانت مستحقة.
دعم كامل للجرحى وذوي الشهداء
ونوّه سالم بأن الوزارة هي من أهم روافد الصناديق المتعلقة بدعم الجرحى وذوي شهداء الجيش العربي السوري والقوات المسلحة، وهناك تعاون كبير مع الأمانة السورية للتنمية فيما يتعلق بالتوظيف، مضيفاً: إن الوزارة تسعى لدعم شريحة ذوي الاحتياجات الخاصة بسلل غذائية بعد توافر معلومات دقيقة عنهم.
وأكد وزير التجارة الداخلية أن هذا هو الوقت المناسب للبدء بإعادة هيكلة الدعم وتحديد الشرائح المستحقة واستبعاد من هو غير مستحق وفقاً للمعايير المعتمدة، مشيراً في هذا إلى أن ما يتعلق بالخدمات الصحية والتعليمية المدعومة من الدولة ستبقى متاحة للجميع حالياً وإعادة الهيكلة هي على المواد الغذائية: (رز وسكر وزيت وشاي)، والمواد النفطية: (مازوت وبنزين وغاز)، مبيناً أن هناك عملاً مستمراً منذ عامين تقريباً، يتم من خلاله بحث إمكانية أن يتحول الدعم إلى دعم مادي مباشر للمستحق وليس دعماً للمواد الأساسية، وهذا طبعاً يحتاج إلى تهيئة البيئة المناسبة لذلك من جوانب مختلفة.
وفيما يخص توزيع مازوت التدفئة أشار سالم إلى أن نسب التوزيع في معظم المحافظات قاربت 100 % ما عدا حلب وريف دمشق، حيث إنه خلال أيام قليلة سيتم استكمال توزيع كامل الكميات للمستحقين. مبيناً أن هناك دفعات قادمة من المازوت للوصول إلى توزيع 200 ليتر لكل حامل بطاقة.
وتناول الوزير سالم في معرض إجاباته على الأسئلة المطروحة قضية تغيير المديرين المركزيين في الوزارة وبعض المديريات في المحافظات مبيناً أن آلية التغيير لم تعتمد فقط جوانب الفساد، وإنما كان هناك بعض المديرين غير قادرين على تقديم قيمة مضافة للعمل، فتم استبدالهم، والمفارقة ومن خلال البحث عن بدائل تبين أن الوزارة تتوافر فيها خبرات وكفاءات جيدة لكنها مستبعدة، فتم استقدامها وتكليفها بمهام في الوزارة.