الثورة – أسماء الفريح:
أكد حاكم مصرف سوريا المركزي الدكتور عبدالقادر الحصرية أن الدعم القطري المتواصل يساهم بشكل ملموس في تطوير القطاع المصرفي السوري، سواء عبر المصارف القطرية الشريكة أو خبراتها الريادية في الرقابة والتحول الرقمي.
وفي حديث لوكالة الأنباء القطرية ” قنا”, قال الحصرية: “إن دولة قطر كانت ولا تزال شريكاً أساسياً وداعماً فاعلاً للشعب السوري وللاقتصاد الوطني”، مشيراً إلى أن الدعم القطري امتد من المساهمة في القطاع المصرفي عبر تأسيس أول مصرف إسلامي في سوريا ومصرف تقليدي، وهو ما دفع إلى صياغة التشريعات المصرفية الرائدة وتقديم المساندة المالية والفنية، التي أسهمت في استقرار القطاع النقدي خلال المرحلة الراهنة.
وأوضح أن مجالات التعاون بين مصرف سوريا المركزي ومصرف قطر المركزي واسعة وواعدة، وتشكل نموذجاً ملهماً في تعزيز الاستقرار المالي والنهضة الاقتصادية الوطنية، ويتيح تبادل الخبرات الفنية والمهنية، بما ينعكس إيجاباً على جهود إعادة البناء الشاملة في مختلف القطاعات.
وأشار إلى أن التجربة القطرية في العمل المصرفي، سواء في مجال الرقابة أو أنظمة الدفع أو التحول الرقمي، تعد نموذجاً يحتذى به في المنطقة والعالم، مؤكداً تطلع مصرف سوريا المركزي للاستفادة منها، خاصة في هذه المرحلة التي تركز على تحقيق الاستقرار النقدي وبناء إطار متكامل للسياسة النقدية، بعد أن تسلّم مهامه في ظل أوضاع صعبة للغاية للمصرف المركزي وسائر مؤسسات الدولة.
وأشاد الحصري بمساهمة قطر، إلى جانب المملكة العربية السعودية، مؤخراً في سداد المستحقات المترتبة على سوريا لصالح مجموعة البنك الدولي، والتي بلغت نحو 15 مليون دولار، مؤكداً أن لهذه الخطوة دلالات رمزية وسياسية تتجاوز قيمتها المالية.
وبين الدكتور الحصرية أهمية جذب الاستثمارات، مشيراً إلى أن المصرف المركزي يلعب دوراً محورياً في ذلك من خلال تقوية القطاع المصرفي، وتوسيع شبكة المراسلين، وترخيص مصارف جديدة، ومعالجة مشاكل السيولة، وإصلاح نظام الصرف، بما يمنح المستثمرين الاستقرار والقدرة على إعادة تحويل أرباحهم ورؤوس أموالهم، كما يجري العمل على تحديث قانون المصرف المركزي لتعزيز استقلاليته وتطوير التشريعات الخاصة بالمصارف الخاصة وفق المعايير العالمية، لافتاً إلى أن أكثر من 70 جهة أبدت اهتماماً بتأسيس مصارف جديدة في سوريا.
وحول الاقتراض الخارجي، شدد الحصرية على أن السياسة الاقتصادية الجديدة تبتعد عن اللجوء إلى القروض التجارية أو الاقتراض من الأسواق المالية العالمية، مفضلة التركيز على جذب الاستثمار الأجنبي وتوفير التمويل من صناديق التنمية، تجنباً للوقوع في أزمات ديون مكبلة للاقتصاد الوطني، ومؤكداً عدم ربط الليرة السورية بأي عملة أجنبية للحفاظ على الاستقلالية النقدية.
وبشأن شبكة المراسلة المصرفية ونظام “سويفت”، أشار إلى أن رفع العقوبات في أيار الماضي أعاد إحياء الجهود لتفعيل هذه الشبكة بين المصارف السورية ونظيراتها العالمية، مبيناً أهمية الدبلوماسية الاقتصادية وبناء الثقة عبر تعزيز أنظمة مكافحة غسل الأموال، وتحديث التشريعات، ما يمنح المصارف الأجنبية الطمأنينة للتعامل مع القطاع السوري.
وفيما يتعلق بملف الأرصدة السورية المجمدة في الخارج، أوضح حاكم مصرف سوريا المركزي أن العمل جار على جرد الحسابات الخارجية ومراجعتها قانونياً، مع دراسة كيفية إدارتها في إطار رؤية مستقبلية لعمل المصرف، مؤكداً عدم وجود عقبات سياسية وإنما بعض القضايا القانونية المرتبطة بقروض لصناديق التنمية.
وذكر أن السياسة الحالية للمصرف ترتكز على محاور رئيسية؛ أبرزها: تحقيق الاستقرار النقدي، وبناء إطار مؤسسي وأدوات للسياسة النقدية، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي، وترخيص مصارف جديدة تلبية لحاجات الاقتصاد السوري.
وقال إن سعر صرف الليرة السورية تحسن بنحو 35 بالمئة، كما استقرت الفجوة بين السعر الرسمي وسعر السوق إلى مستويات محدودة، ما يعكس نجاح الإجراءات المتبعة، مشيراً إلى أن العمل جار على تطوير أنظمة دفع وطنية مملوكة بالكامل للمصرف المركزي، تمهيداً للانفتاح على القطاع الخاص، وتوسيع نطاق الخدمات المالية المبتكرة.
وأعرب الحصرية عن ثقته بأن المرحلة المقبلة ستشهد خطوات متسارعة لتعزيز الاستقرار النقدي، وتطوير البنية التحتية المصرفية، وتوسيع التعاون مع الشركاء الدوليين، وفي مقدمتهم دولة قطر، التي وصفها بأنها نموذج ملهم في التطوير الاقتصادي والمالي، وشريك استراتيجي في مسيرة إعادة بناء سوريا.