الثورة – عبد الحليم سعود:
اقتربت الحرب العدوانية على الشعب اليمني بإيعاز ومباركة أميركية من إكمال عامها السابع دون أي أفق لنهايتها، حيث لا جديد في تفاصيلها المأساوية سوى المزيد من التدمير والإجرام والقتل والحصار والتجويع والإفقار والتشريد، ولا يمكن تشبيه ما يجري ضد هذا الشعب العربي الأصيل والمتجذر في أرضه منذ آلاف السنين إلا بإبادة جماعية تتحدى كل الحدود والأعراف والقوانين والأخلاقية والإنسانية.
إذ لم يكن هناك أي مبرر لشنها سوى هوس مرضي ورغبة شاذة في تعميم الفوضى الأميركية في المنطقة وزيادة مساحة الألم والخراب وما من شك أن مسؤولية المجتمع الدولي الذي يقف متفرجاً باتت أكبر بكثير من مسؤولية تحالف العدوان نفسه الذي لا يفعل إلا ما يؤمر به أميركيا، فحجم المعاناة التي يعيشها الشعب اليمني جراء الحرب باتت أكبر بكثير من طاقة المؤسسات الإنسانية الدولية المعنية بالإغاثة والمساعدة.
تؤكد المصادر المتابعة للحرب على اليمن بأن هناك رغبة من أطراف العدوان بتدمير كل شيء في اليمن من أجل إخضاعه لنفوذها وإخضاع شعبه بقوة الحديد والنار لأجنداتها العبثية، فقد فاقت النتائج الكارثية لهذه الحرب كل كوارث الحروب العديدة التي شهدها اليمن طوال تاريخه، فالمشردون والمهجرون والمهاجرون بالملايين داخل وخارج وطنهم، والقتلى تجاوزوا المائتي ألف وربما أكثر، والمحتاجون للمساعدة الإنسانية العاجلة يصلون إلى أكثر من ثلثي السكان البالغ عددهم حوالي ثلاثين مليونا حسب بعض الإحصائيات الأممية ، والموتى بسبب المجاعة والأوبئة الفتاكة يتجاوزون قتلى الحرب التي حولت اليمن إلى ساحة لتصفية الحسابات بذريعة مواجهة الخطر الإيراني المزعوم، فيما تسببت الحرب نفسها بخسائر باهظة على المستوى الاقتصادي والاستراتيجي والجيوسياسي، والأهم من كل ذلك الخسائر الإنسانية.
وغني عن القول أن استمرار الحرب هو ضرب من الجنون والمغامرة غير المحسوبة لأنه لا يمكن للصراع في اليمن أن يؤدي إلى أي تغيير جوهري في نفوذ الجهات المتقاتلة أو المتصارعة مع مرور الوقت بالنظر إلى صلابة وعناد ومقاومة الشعب اليمني الذي قهر الدولة العثمانية في أوج قوتها وتمددها، فالشيء الوحيد الذي يمكن توقعه هو زيادة رقعة الموت والدمار والمآسي البشرية، ومراكمة الكراهية والبغضاء بين الأشقاء والأخوة.
يدرك حلفاء العدوان في قرارة أنفسهم هذه الحقيقة ولكنهم يكابرون ويتعامون عن حقائق التاريخ، فالتدمير للأبنية السكنية والبنية التحتية وتجويع البشر لا ينتج نصرا، فقد هزم الأميركيون في فيتنام بعد أن دمروا هانوي وجربوا كل فنونهم التدميرية والإجرامية لأن إرادة الفيتناميين كانت أعلى وأقوى، وهذا ما اضطر الأميركيين للانسحاب بطريقة مخجلة ومخزية كما جرى مؤخراً في أفغانستان.
صحيح أن ما يحصل من تدمير في مدن كصنعاء وصعدة وعمران والحديدة، يشكل ضغطًا على موقف الجيش واللجان الشعبية اليمنية المواجهة للعدوان، من حيث تزايد أعداد الشهداء بين الأطفال والنساء والشيوخ، ولكن المعتدي يعلم علم اليقين نتيجة المسار الطويل الشائك لعدوانه، بأن هذا الأسلوب غير مجدٍ بتاتًا بمواجهة أبناء اليمن الذين برهنوا أنهم تحت الضغط يثبتون ويصمدون أكثر وأكثر.
حتى هذه اللحظة يبقى المجتمع الدولي بمؤسساته المختلفة، أقرب إلى شاهد زور وهو يتفرج عاجزاً على أشلاء أطفال اليمن ويرى بأم عينه كيف يتم تدمير حضارة اليمن وكيف يتم تجويع شعبه، ويبدو أنه وقع في غرام النفط الخليجي وبات أسيراً لهيمنة الولايات المتحدة التي اعتادت على قهر ومعاداة الشعوب الرافضة لأجنداتها.