بدأ موسم زراعة التبغ في المنطقة الساحلية والذي يعتبر الموسم الوحيد لأكثر من مئة ألف عائلة على امتداد جبال اللاذقية طرطوس وحماة ، والتي لا تصلح حيازاتها الزراعية الصغيرة والتي تفتقد للري إلا لزراعة التبغ، وكما لكل موسم شجون، لهذه الزراعة شجون كبيرة نابعة من سياسة تعاطي الجهات المعنية مع هذه الزراعة.
فكما انقرضت مهنة تربية دودة الحرير في أرياف الساحل وتم قطع أشجار التوت نتيجة سياسات القائمين على الأمر بالتكافل والتضامن مع التجار والصناعيين لمصلحة الحرير الصناعي المستورد، يسير محصول التبغ إلى الانقراض في هذه المناطق بعد أن تم التوسع في زراعته بمحافظات أخرى تتميز تربتها بالخصوبة وصلاحيتها لزراعة أنواع كثيرة من المحاصيل الأخرى التي نحن بأمس الحاجة إليها ولا سيما في سهول الغاب وحوران الخصبة.
سياسة الضغط على مزارعي التبغ في ريف الساحل لم تتوقف عند التوسع بزراعته في مناطق أخرى، بل امتدت إلى أسعار شراء التبغ من المزارعين واستبدال الأصناف بأصناف أخرى، فالأسعار لا تقارب التكاليف، وسعر الكيلو لأحسن تصنيف لا يتجاوز نصف سعر باكيت دخان مستورد، وطال التضييق التصنيع المحلي للدخان وتم منع نقله رغم أن الكثير من الناس تدخن ما يعرف بالدخان العربي.
أساس الفشل في استهداف زراعة التبغ يقع في وزارة الصناعة التي فشلت في تصنيعه بشكل جيد أو نقل هذه الصناعة الى القطاع الخاص في صورة مشابهة لموضوع الحرير الطبيعي عندما كانت تلاحق الجهات المعنية المزارعين الذين يبيعون إنتاجهم الى القطاع الخاص بنفس الوقت الذي كانت تقوم فيه لجان استلام شرانق الحرير من المزارعين بالتنمر على مربي دودة الحرير وابتزازهم بالنوعية والوزن والرطوبة حتى كفروا بهذه المهنة وهجروها وقطعوا أشجار التوت.
لدينا أفضل أنواع الدخان الذي يُمكن أن يحقق دخلاً للمزارعين ومورداً كبيراً للقطع الأجنبي بتصديره ولكن بشرط تصنيعه بشكل جيد مع الإشارة الى أن صناعة التبغ تحقق موارد كبيرة لبعض الدول المتقدمة بصناعة السجائر رغم أنها لا تزرع الدخان، ولكن نحن الذين نملك أفضل أنواع الدخان فشلنا في تصنيعه.. ولتغطية الفشل نضيق على مزارعيه الذين يعملون بشكل عائلي في موسم يكاد يكون مصدر دخلهم الوحيد وبأرض لا تصلح لغيره من المواسم.
على الملأ – بقلم مدير التحرير – معد عيسى