لميس عودة:
منذ بداية الحرب الإرهابية، عملت الدولة السورية على مسارين متكاملين، محاربة الإرهاب وتحرير الأرض وبسط السيادة الوطنية على المدن والبلدات المحررة، والمسار الثاني فتح المجال واسعاً للتسويات وإعطاء الفرص لمن ضُللوا وغُرر بهم للعودة إلى جادة الصواب ونسف المخططات الاستعمارية.
وانطلاقاً من المصلحة الوطنية العليا، تتواصل سكة إنجاز التسويات في الجزيرة وحلب وأرياف دمشق والجنوب، حيث جسور التسويات التي مدتها الدولة السورية ليجتمع أبناؤها على ضفاف الانتماء الوطني، تعزز اللحمة الوطنية بين أبناء الوطن الواحد، وهو ما يقض مضاجع الأعداء، إذ يلهث أقطاب محور العدوان لنسف تلك التسويات عبر الإيعاز لأدواتهم الوظيفية من ميليشيا انفصالية وبقايا فلول إرهابية بتلغيم الإنجازات المستكملة وتفخيخ ما تم إنجازه من تسويات كونها تنسف مشاريعهم الاستعمارية.
تعددت الأدوار التخريبية التي اضطلع بها محور الإرهاب وأدواته لقطع جسور التلاقي الوطني ومنع استكمال بسط السيادة على كامل المناطق المحررة، وتنوعت الأساليب التي مارسها مرتزقة إرهابهم من ترهيب واغتيالات وخطف واعتقالات واستهداف للمواطنين الراغبين بتسوية أوضاعهم وصون وحفظ وحدة وطنهم.
فالوجود الإرهابي المسلح الذي كان في درعا البلد، كان منوط به تنفيذ آخر المناورات العقيمة لكيان الإرهاب الصهيوني بعد الإخفاقات الميدانية التي مني بها، لذلك كان لهاثه محموماً لإبقاء نقطة ارتكاز إرهابية مهمّتها عرقلة المعابر مع الأردن والإمعان بحصار الشعب السوري وتقويض سلطة الدولة السورية في هذه المنطقة لما لها من أهمية استراتيجية.
كذلك الأمر بالجزيرة في دير الزور والحسكة والرقة وأريافهما تقوم أداة واشنطن الانفصالية بممارسة أساليب البلطجة العدوانية من ترهيب واعتقالات وخطف وإقامة حواجز لمنع المواطنين من الوصول إلى مراكز التسويات وتأكيد عمق انتمائهم الوطني، وكل ذلك تنفيذاً لأجندات واشنطن التي تعول على بقاء وجودها الاحتلالي.
ولم تتوقف مساعي قوى العدوان لعرقلة التسويات داخل الوطن بل تعدتها لمنع اللاجئين الذي هجروا بفعل آلة الحرب الإرهابية لإبقاء قضيتهم ورقة ضغط سياسي والاتجار بمعاناتهم في المحافل الدولية، فظلت تعرقل عودتهم وتضع المفخخات أمام كل الجهود الوطنية الخلاقة والمساعي الحثيثة الرامية لتسهيل عودتهم لوطنهم.
فالتعطيل المتعمد من قبل رعاة الإرهاب لعودة اللاجئين جلي منذ البداية، كون قضيتهم ورقة مساومة سياسية ووسيلة للتدخل السافر في الشؤون السورية، وذريعة وقحة لضخ الأكاذيب وتلفيق التهم الباطلة التي لطالما استخدموها للاستثمار السياسي، ووظفوها لتسويغ ما لا يسوغ من لصوصية ونهب و جرائم حرب ارتكبوها بحق الشعب السوري.
فالاتجار القذر بالدواعي الإنسانية واستغلال قضية اللاجئين في المحافل الدولية، كانت ملازمة لكل أفعال محور الشر العالمي، كذلك الاستثمار الوضيع بما يسمى المساعدات الإنسانية للاجئين، كان على الدوام من طقوس دجل عتاة الإرهاب الدولي يمارسونها على مسرح المزايدات الإنسانيةٍ.
فالنظام التركي وأميركا والغرب التابع لها الذين يعرقلون عودة اللاجئين تاجروا مراراً بحقوق السوريين، وسوّقوا التهم الكاذبة ضد الدولة السورية التي رفضت كل أساليب الابتزاز السياسي، وتمسكت باستقلالية قراراتها ورؤاها الوطنية.
قضية اللاجئين السوريين الذين هُجروا بفعل الإرهاب المنظم وجرائمه تربعت على عرش اهتمامات الدولة السورية واحتلت موقع الصدارة في روزنامة الحلول الوطنية ومراسيم العفو الكثيرة التي صدرت تقطع كل الطرق على المصطادين في عكر الانتهازية والمساومات السياسية، كما كان لعقد مؤتمر اللاجئين في دمشق أثره البليغ والمهم بدحض الادعاءات والأكاذيب ووقف الاتجار والاستثمار الغربي بقضيتهم، فعودة أبناء الوطن الذين هجروا عنوة كانت ولا تزال حاضرة بقوة في كل أجندات العمل السورية، تزامناً مع إعادة تأهيل المناطق المحررة وتفعيل الخدمات وإعادة بناء ما دمرته آلة الحرب الإرهابية.