ريم صالح:
ترسم سورية بانتصاراتها ملامح المشهد الدولي الجديد، فلا رهانات الأمريكي، ولا اعتداءاته الغاشمة، ولا رواياته الهوليودية المفبركة، ولا إرهابيوه المأجورون، ولا أوهام العثماني البائد، ولا الاجتماعات الأممية المسيسة، ولا حتى بيانات أنظمة الغرب الحاقدة، والدائرة في الفلك الأمريكي، ولا نعيق الصهيوني في الجنوب، قد استطاعت النيل من إرادة الدولة السورية، أو المساس بثوابتها الوطنية.
سورية واجهت الحرب الإرهابية التي شُنت عليها، وكان أمامها ثلاثة خيارات لتحقيق النصر الذي بتنا نحصد ثماره اليوم على طول الجغرافية السورية وعرضها، وكان أول هذه الخيارات المسار السياسي الذي سار جنباً إلى جنب مع المسار العسكري، وصولاً إلى الخيار الثالث وهو خيار المصالحات والتسويات الوطنية.
لم تغلق الدولة السورية أي باب من شأنه أن يحقن الدم السوري، وإنما مدت يدها لكل السوريين الراغبين بإنهاء الأزمة، والعودة إلى حضن وطنهم الأم.
مسار المصالحات والتسويات الوطنية لم يكن أقل أهمية مما جرى في جنيف، أو أستانا، أو سوتشي، وكذلك لم يقل أهمية عن العمليات العسكرية التحريرية التطهيرية التي نفذها حماة الديار، ودكوا من خلالها أوكار الإرهابيين، وجحورهم، ووجهوا عبرها الصفعات المدوية على وجوه من توهم أن باستطاعته لي ذراع الدولة السورية.
فمن خلال هذه المصالحات عاد مئات السوريين إلى أحيائهم وقراهم وممتلكاتهم، فضلاً عن خروج المسلحين الرافضين لبنود المصالحة خارج الأحياء، أو البقاء لكن من دون سلاح، مع العودة إلى الحياة الطبيعية، وذلك بعد أن قامت الدولة بالعفو عنهم، وتسوية أوضاعهم، بعد أن قاموا بتسليم أسلحتهم الثقيلة والمتوسطة إلى الجهات الأمنية المختصة.
في ميزان الربح والخسارة من المؤكد لنا جميعاً أن جميع الأطراف التي أنجزت تسوياتها الوطنية كانت رابحة، ولاسيما من غُرر بهم، وعادوا من جديد إلى حضن الوطن، فمن جهة استطاعت الدولة السورية عبر هذا الخيار إعادة الأمن والاستقرار إلى المدن والبلدات السورية، كما أنها حقنت دماء مئات وربما آلاف السوريين ممن عادوا إلى جادة الصواب، وامتثلوا لإرادة وطنهم، وشعبهم، وأيقنوا جيداً أن الأمريكي وثلته الغربية والأعرابية المعادية لا تريد لهم إلا الدمار والفناء.
فكان النصر السوري مدوياً بامتياز، حيث لا إرهاب بعد اليوم، ولا رهان على أذرع سورية مأجورة قد يجدي نفعاً، اللهم إلا تلك الزمر المجندة والمجمعة خارجياً، ومن جنسيات أجنبية، ونعني بها تحديداً تنظيم داعش الإرهابي وجبهة النصرة، ليعم بحكمة الدولة السورية السلام والأمان الساحات السورية من جديد، وليثبت المواطن السوري أن إرادته تصنع المستحيل، وأن إملاءات الأمريكي، والغربي، والصهيوني لا خبز لها على أراضينا، حتى وإن علت سقوف أوهام أولئك المعتدين فمصيرها الغرق في وحل الهزيمة.