عبد الحليم سعود:
تتسارع حركة قطار المصالحات الوطنية والتسويات من محافظة سورية إلى أخرى تمهيداً لاستعادة الاستقرار والسلام إلى جميع أراضي الجمهورية العربية السورية وبما يضمن عودة المواطنين، الذين تم التغرير بهم خلال سنوات الحرب من قبل جهات خارجية وجماعات إرهابية للعمل ضد وطنهم وشعبهم، سريعاً إلى ممارسة حياتهم الطبيعية بشكل كامل والإقلاع عن المشاركة في أي أجندات خارجية ضارة بمصالح السوريين.
فبعد محافظتي درعا ودير الزور، اللتين شهدتا في الفترة الماضية وما تزالان توافد الآلاف من أبنائهما إلى المراكز المعدة لإجراء التسويات، انضمت محافظة حلب وكذلك محافظة الرقة التي عاشت أصعب مراحل الحرب في ظل تنظيم داعش الإرهابي من جهة والاحتلال الأميركي وعملائه في قسد من جهة أخرى، إلى قطار التسويات حيث يتوافد المئات من أبنائهما يومياً لترتيب عملية عودتهم إلى حياتهم الطبيعية في ظل الدولة السورية ومؤسساتها الرسمية.
لا شك أن الحكومة قد وضعت بند التسويات والمصالحات الوطنية في قمة أولوياتها لإنهاء مرحلة الحرب على سورية واستعادة الأمن والاستقرار إلى ربوعها، وفي سبيل ذلك قدمت كل التسهيلات والإجراءات والتدابير الإدارية والأمنية للراغبين بإجراء هذه التسويات وأمنت أجواء مريحة وميسرة لذلك، وهو ما شجع الكثير من الأشخاص المغرر بهم على القدوم إلى مراكز التسوية التي أقامتها الدولة في معظم القرى والبلدات في تلك المحافظات لمعالجة الأوضاع المتعلقة بهم، وبدء صفحة جديدة في حياتهم، تؤمن لهم العودة الكريمة إلى أعمالهم وحياتهم بشكل طبيعي واعتيادي.
فالدولة السورية منذ بداية هذه الحرب الظالمة عليها كانت مصممة على إعادة الأمن والاستقرار والسلام والطمأنينة إلى جميع ربوع الوطن بنفس تصميمها على تحرير الأرض من رجس الإرهابيين والمرتزقة والمحتلين، وقد أدركت مبكراً أن المصالحات الوطنية والتسويات تصب في مصلحة المواطنين وتنعكس إيجاباً على الأمن بشكل عام والواقع المعيشي والوضع الاجتماعي لهم حيث أنشأت وزارة للمصالحة الوطنية في مرحلة من المراحل إلى جانب لجان مصالحة وطنية في معظم القرى والبلدات والمدن، تاركة هذا الباب مفتوحاً على مصراعيه أمام الساعين له ولم تغلقه أبداً في وجه أي تائب أو عائد إلى حضن دولته ووطنيته الصادقة وعقله، وقد سهلت عودة كل من تم التغرير بهم ولم تتلطخ أيديهم بدماء السوريين إلى جادة الصواب، وعفت عنهم وأعطتهم فرصة جديدة للمشاركة في إعادة بناء إعمار الوطن، وهو ما تجلى في مراسيم العفو الكثيرة التي أصدرها السيد الرئيس بشار الأسد في مناسبات كثيرة من عمر الحرب.
وبالرغم من العراقيل الخارجية وحملات التشويه والتضليل والتشكيك التي دأبت عليها وسائل إعلام معادية، فإن عملية المصالحة الوطنية وما يرافقها من تسويات أخذت حيزاً كبيراً من اهتمام الدولة السورية إلى جانب الاهتمام بعودة اللاجئين والمهجرين إلى مدنهم وقراهم وبلداتهم، الأمر الذي تمت ترجمته بعمليات تسوية واسعة في معظم المناطق السورية وعودة الاستقرار والأمن والحياة الطبيعية، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على صوابية هذا المسار وجدواه في طي صفحة الحرب ومن ثم توفير كل الظروف المناسبة لعملية النهوض الشاملة من واقع الحرب والتوجه نحو التعافي وإعادة بناء ما دمرته الحرب، وهذا لا يمكن أن يتم أو يحدث إلا بمشاركة جميع أبناء سورية.