الثورة – رولا عيسى:
تتوجه الأنظار في الوقت الحالي إلى دور المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تحتاج للتمويل المالي، إما عن طريق المصارف العامة أو مصارف التمويل الصغير.. نظراً لدورها في عملية التنمية الاقتصادية ومواجهة التداعيات والظروف الاقتصادية العالمية والتغلب عليها محلياً من خلال هذه المشاريع التي تتعزز أهميتها يوماً بعد يوم سواء في زيادة الإنتاج أم في توجيه السيولة المصرفية في الوجهة الاستثمارية الصحيحة.
معوقات القروض..
الباحث الاقتصادي فاخر قربي يقول في رؤية اقتصادية لـ”الثورة” : لا شك أن قانون قيصر كانت نتائجه الإعلامية أخطر من النتائج على الأرض نتيجة وجود معوقات ضمن السياسات والاستراتيجيات الاقتصادية إضافة لعدم تمكن السيولة النقدية المتراكمة في المصارف العامة من التناغم مع الاستثمار الاقتصادي وعدم تقديمها تسهيلات حقيقية لتأسيس مشاريع تنموية عدا عن فرض شروط شبه تعجيزية من ناحية الضمانات للحصول على القروض التي تحتاجها هذه المشاريع، بالإضافة لرفع نسبة الفائدة على القروض.
الضرائب والرسوم..
ويتطرق قربي إلى صيغة الضرائب والرسوم أمام المشاريع في طور التاسيس ما أسهم إلى حد كبير في رفع نسبة التضخم وضعف القوة الشرائية وقلة المشاريع المتوسطة والصغيرة إلى حد ما وفقدان مئات الآلاف من فرص العمل ورفع معدلات الفقر وهجرة الشباب والكفاءات الوطنية.
ويتابع قربي: نعاني اليوم من حالة الجباية بدلاً من التنمية التشاركية بين القطاع العام والخاص وانخفاض معدل الرواتب الشهرية للموظف في القطاع العام.
من الاستهلاك إلى الإنتاج..
ويرى قربي أن الحل في الانتقال من الفكر الاستهلاكي إلى الفكر الإنتاجي المتجدد ودعم الإنتاج الزراعي وتطوير المزيد من التشريعات والسياسات الاقتصادية بما يتناسب مع الواقع الاقتصادي ما يسهم إلى حد كبير في كسر الحصار الاقتصادي المفروض والعمل على دعم المشاريع المتنامية و توسيع رقعتها الجغرافية لكي تسهم في خلق فرص عمل مشجعة تحد من هجرة الشباب واليد العاملة الخبيرة، وضرورة توفير خطط وبرامج تنموية خاصة بالسياسات المالية و المصرفية وتوظيف الأموال المتراكمة لدى المصارف وإعادة تدويرها مجدداً في التنمية الاقتصادية بدلاً من بقائها على حالها وجعل أي مشروع اقتصادي إنتاجي كفالة مصرفية بحد ذاته بدلاً من كفالات تصل تقديرات قيمتها إلى أضعاف مضاعفة من قيمتها الحقيقية.
اعفاءات تشجيعية..
وينوه قربي بضرورة العمل على تخفيض الرسوم والضرائب المفروضة على الصناعيين والتجار وتقديم إعفاءات لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات ما يسهم في تقليل حجم التكاليف وتخفيض الأسعار وزيادة الإنتاج المحلي وهذا ينعكس إيجاباً على المواطن وعلى حجم التبادل النقدي وقيمة الليرة السورية بشكل خاص.
سلفة راتب سنة..
ويذكر قربي بأهمية المنح المتكررة التي أصدرها السيد الرئيس بشار الأسد وتعتبر زيادة على رواتب الموظفين بشكل غير مباشر مقترحاً أن تكون المنحة ربعية أي ” حصول الموظف بمعدل راتب شهري إضافي كل ثلاثة شهور ” وهذا يسهم في رفع القوة الشرائية لدى المواطنين ويقلل من سطوة الأسعار في الأسواق بدلاً من زيادتها قبل صدور أي زيادة في الرواتب، إضافة للعمل على تطوير النظام المالي لدى المؤسسات و الإدارات لمنح الموظفين في القطاع العام سلفة بمعدل راتب سنة كاملة ” بدلاً من الاقتصار على منحه سلفة مقدارها راتب شهرين على أن يتم تسديد هذه السلفة خلال مدة ثلاث أو خمس سنوات وهذا يدفع لزيادة الإنتاج التنموي لكل أسرة ويسهم في خلق فرص عمل جديدة ويقلل من حالة الركود التضخمي الذي نعيشه بسبب العقوبات الاقتصادية الجائر.
الحد من الفقر والبطالة..
وفي السياق ذاته.. حول الإجراءات والحلول لتحسين الواقع الاقتصادي والمعيشي يتطرق الباحث والخبير الاقتصادي شامل بدران في دراسة له إلى أهمية دعم وتطوير المنشآت الصغيرة والمتوسطة وتشجيع إقامتها وضمان ديمومتها حيث يعتبر من أهم دعائم عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية
وذلك لما تلعبه من دور هام في دفع عجلة النمو الاقتصادي والحد من تفاقم مشكلتي الفقر والبطالة بشكل خاص. مع التأكيد على وجود علاقة وثيقة بينها وبين التوظيف الذاتي والحد من مشكلتي الفقر والبطالة.
ويتابع بدران بأن المنشآت الصغيرة والمتوسطة أداة تنموية فاعلة تمثل عصب الاقتصاد، وتعمل على خلق الملايين من فرص العمل وزيادة الطاقة الإنتاجية القائمة ورفع إنتاجية العمل ورفع المستوى المعيشي لأصحابها وللعاملين فيها وزيادة القدرة التصديرية للاقتصاد ما ينعكس إيجاباً على رفع معدلات النمو في الناتج المحلي الإجمالي وميزان المدفوعات والموازنة العامة وتحقق التوازن التنموي الجغرافي داخل البلد.
الإقراض الزراعي..
وينطلق بدران من أهمية القانون رقم ٨ الذي أصدره السيد الرئيس بشار الأسد لإحداث مصارف التمويل الأصغر لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة مؤكداً أهمية الاعتماد على توجيه الإقراض باتجاه القطاع الزراعي والتصنيع الزراعي خاصة وأن الدولة تتبنى حالياً استراتيجية الاعتماد على القطاع الزراعي كحامل أساسي لتجنيب سورية وطأة الحصار الجائر، وكداعم للأسر الأشد احتياجاً. وبالرغم من أهمية تلك الاستراتيجية حالياً إلا أنه يتطلب تعزيزها باستراتيجية التصنيع الزراعي لأن الصناعة تقدم قيماً مضافة أعلى ويمكن الاستفادة من تكنولوجيا الإنتاج المتقدم، وكل ذلك يقتضي توجيه المؤسسات المالية بما فيها “مؤسسات التمويل الأصغر” لتعبئة الموارد وتوجيهها وفق مصلحة الاقتصاد الوطني خصوصاً في المرحلة الحالية.
وكشف بدران للثورة عن دراسة يعدها في الوقت الحالي عن مقترحات لتطوير بيئة الإقراض لمؤسسات التمويل الصغير التي بدأت على ضوء القانون ٨ الانتقال من مؤسسات إلى مصارف توفر التمويل للمشاريع الصغيرة والمتوسطة بشروط ميسرة.