الثورة – حمص – رفاه الدروبي:
اختصر الفنان الكبير زيناتي قدسية مأساة الشعب الفلسطيني في مونودراما “القيامة ٢” مدَّتها خمسة وأربعون دقيقة قدَّمها بحرفية ومهنية حيث كتب النص وأداه وأخرجه معتمداً على طاقم عمل مساعد مخرج حسين عرب وتوليف موسيقي دافيد أفرام احتضنها مسرح قصر الثقافة بحمص.
بينما العرض يتلخص بمحاكاة جمجمة الشهيد “بصاوي” ويعرض عليه الأحداث طارحاً الكثير من التساؤلات يحكي عن حال التهجير من بلده فلسطين وتحط رحاله في مخيم اليرموك بدمشق حيث يرحل مرّة أخرى ليفقد كل مالديه من مكتبة تناثرت محتوياتها هنا وهناك وتضمُّ النسخ لأدباء ومفكرين كبار وينتهي به الحال إلى مركز الإيواء ثم ينتقل إلى بيت طيني مستأجر مهدد بتركه بين الآونة والأخرى ويتابع الحوار وجمل تتلاحق ليدع الجمهور يكمل الكلمات.
وسط ديكور بسيط صنع من مادة الخشب السيف وجمجمة وكراسي وإضاءة وظِّفت بشكلٍ استطاع منفذها محمد الحسين من لفت نظر الجمهور وخدمة العرض المسرحي بكل تفاصيله من بدايته حتى نهايته وخاصة عندما تسلط حسب المشهد وتتحول من البيضاء فارشة أشعتها الحمراء على القدسية كي تعبِّر عن كل مايحصل في فلسطين من قتل الأبرياء وسيلان الدماء الذكية على أرضها الطاهرة.
رافقت العمل موسيقا اقتبست بدايته من سمفونية إيرانية تحمل في نغماتها الخوف والرعب وتنذر بوقوع النكبة في بداية العرض ثم تتدرج بصوت العود يصدر ترانيمه الهادئة كي يخفف من وقع الكلمات المطروحة أثناء العرض حول مامرَّ به الشعب الفلسطيني من قهر وحزن وتهجير ويصدح صوت فيروز بأغنيتي “القدس العتيقة” و”الغضب الساطع آت” وينهي القدسية العمل المسرحي بوصية غسان كنفاني حيث يدعونا بأن “لاتموت قبل أن تكون نداً”.
الفنان زيناتي قدسية في تصريح للإعلاميين بيَّن بأنَّه يلقى على عاتق الممثل تقدِّيم رسالة تعبِّر عن أمال الشعب وتطلعاته من خلال طرحه أسئلة أثناء العرض ووظيفة ليست إضحاك الجمهور وإنما تنبيه الناس وفتح نوافذ روحية لديهم. لافتاً بأنَّ الفنانين لابد لهم من التصدي لكل المناسبات والذكريات المرّة كي يتعرف عليها جيل جديد لم يعاصر أحداثه.
مبيناً بأنَّ عنوان العمل “القيامة٢” أطلقها من واسطة عقد سورية لتكون امتداداً لما كتبه مع ممدوح عدوان عام ١٩٨٦ مسرحية “القيامة” ويحكي قصة شاب يرغب ببث وجعه لأحد الشهداء من واقع حال لما حصل من خلافات بين الفصائل الفلسطينية آنذاك ويعود في الوقت الراهن بعدما يزيد عن ثلاثة عقود ونصف بالعرض بعد توحيد راية المقاومة منوِّهاً بأنَّه استفاد من تجربته ومكوناته الشخصية والمعاشة من لحظة خروج والديه من فلسطين إلى اللحظة الآنية.
أمَّا عضو اتحاد الكتاب الفلسطينيين ماجد دياب فأشار بأنَّه تمَّ اختيار العمل المسرحي متوافقاً مع ذكرى النكبة لافتاً بأنَّ المرحلة الحالية تشهد بداية نكبة للعدو بانتفاضة قائمة منذ العام الماضي واختيار العمل المسرحي الهادف والمتميز رسالة تعبِّر بأنَّنا تجاوزنا النكبة وبات العدو يفكر جديَّاً بالرحيل ولم يعد يهنأ بالعيش في فلسطين أمام المقاومة.