الثورة – ريف دمشق – لينا شلهوب:
أحيت اليوم قرية المراح بمنطقة النبك في القلمون بمحافظة ريف دمشق، مهرجان “قطاف الوردة الشامية”، الذي انطلقت فعالياته وسط أجواء من الاحتفالات المترافقة مع إحياء للطقوس الاجتماعية، حيث أقام المهرجان الأمانة السورية للتنمية، وبرعاية محافظة ريف دمشق، وحضور وزير الزراعة المهندس محمد حسان قطنا، ومحافظ ريف دمشق المهندس معتز أبو النصر جمران، وأمين فرع ريف دمشق للحزب المهندس رضوان مصطفى، وعدد من المعنيين، ورؤساء المجالس المحلية بالمنطقة، وحشد من الأهالي، إذ أقيمت فعاليات مهرجان الوردة الشامية احتفالاً بموسم قطافها باعتبارها مكوناً ثقافياً واجتماعياً، وللتأكيد على صونها، والتركيز على ضرورة الاهتمام بها، إذ تجاوزت حدودها كزهرة لتغدو محصولاً.
وقبل البدء بالحفل انطلق حشد شعبي إلى حقول الوردة الشامية في قرية المراح لجني أزهارها، مشكلين لوحة فلكلورية تؤكد حرصهم على استمرار زراعتها لأهميتها الاقتصادية والغذائية والجمالية والطبية، خاصة بعدما عانت الوردة الشامية من تبعات الحرب على سورية خلال السنوات الماضية؛ حيث أُجبر الفلاحون على التخلي لبضع سنوات عن أراضيهم نتيجة لما شهدته منطقة القلمون من آثار للحرب العدوانية على سورية، وانخفضت مساحة الأراضي المزروعة بالورد قرابة الـ 50%، كما أثّر الطقس الجاف لسنوات متتالية على محصول الوردة وجودته، ناهيك عن ارتفاع أسعار المحروقات اللازمة للحراثة، رافقه نقص باليد العاملة، خاصة الخبيرة، نتيجة الخسائر البشرية والاقتصادية الكبيرة التي ألمّت بالبلاد من تكاليف إنتاج الوردة، ما دفع البعض لإهمالها.
لكن، وضمن إطار برنامج إحياء الوردة الدمشقية والمحافظة على سلالاتها المحلية من خلال تمكين المجتمع المحلي في القرية من متابعة الاهتمام بها، يتم بشكل تقليدي وبمشاركة الجهات الحكومية إحياء مهرجان الوردة الشامية كطقس اجتماعي احتفالي سنوي، يقوم به أهالي الوردة الشامية في موعد تفتح وردتهم مستبشرين بمحصولٍ وفير من خيرات شجيرة الورد، خاصة أن قرية المراح هي المنطقة الوحيدة التي تزرع الوردة الشامية كبساتين وأشجار مثمرة بطريقة بعلية، وتعتبر المنتج الرئيسي للمزارعين.
وخلال الجولة على الحقول الزراعية للوردة الشامية، أشار محافظ ريف دمشق إلى أنه تم إيلاء المنطقة اهتماماً كبيراً، لما تكتنفه من مقومات سياحية وبيئية، منوهاً أنه يتم التركيز على منطقة المراح لخصوصيتها من حيث التنمية الريفية والسياحة البيئية على اعتبارها نقطة جذب لكل المهتمين بزراعة وإنتاج الوردة الشامية، وما يستخلص منها من منتجات ينعكس على الاقتصاد وعلى دخل المزارعين والفلاحين، وأسهم في ذلك دعم المحافظة لها عبر حفر الآبار، وفتح العديد من الطرقات لتسهيل عمل المزارعين.
وأكد وزير الزراعة أن الوزارة لديها رؤية مستقبلية للتوسع بزراعة الوردة الشامية، وتعمل على دعمها من خلال تأمين الغراس للفلاحين، والآليات الهندسية لاستصلاح الأراضي، إضافة لزيادة عدد المشاتل لما لهذه الزراعة ومستخلصاتها من تميز بالنوعية العالية والأهمية البيئية والاقتصادية، مشيراً أن أهمية الوردة الشامية تكمن في كونها تدخل في صناعات مختلفة.
بدوره لفت أمين فرع الحزب المهندس رضوان مصطفى إلى أن المهرجان يأتي تأكيداً على التمسك بالموروث الشعبي والعادات القائمة على القطاف وتحضير منتجات الوردة ذات القيمة العالية غذائياً، وطبياً، وتجميلياً، وتقديراً لأهمية الوردة الشامية وزراعتها في كل أنحاء البلاد كمشروع وطني يساعد على دعم الاقتصاد السوري، وتحريك الإبداع والأبحاث في مجال اكتشافات جديدة تتعلق بخواص الوردة، منوهاً بالجهود التي قدمها أبطال جيشنا الباسل التي أتاحت الفرصة لعودة الاهتمام بالوردة كمصدر رزق للأهالي.
فيما اعتبر مدير الزراعة المهندس عرفان زيادة أن الوردة الشامية توجت ملكة الورود وأصبحت سفيرة سورية إلى العالم، ونظراً لأهميتها الجمالية والطبية والاقتصادية أولتها الدولة الرعاية والاهتمام بهدف التوسع في زراعتها وتقديم كل ما يلزم لاستثمار وتسويق منتجاتها بالشكل الأمثل فهي “أغلى من الذهب وأبقى من النفط”، مضيفاً أن زراعتها تنتشر بمناطق عدة أهمها النبك، قرى القسطل والسحل، والمراح والمشرفة، بالإضافة لوجود كميات منها في منطقة جبل الشيخ في قطنا ومنها عرنة، ناهيك عن أن زراعتها باتت تراثاً شعبياً متوارثاً منذ مئات السنين لسكان قرية المراح التي تمتاز عن سائر المناطق في زراعة الوردة الشامية لمناخها الجبلي القاسي، الذي يسهم بإعطاء مردود ممتاز، كما أوضح أنه تم زراعة 370 هكتاراً من الوردة الشامية في النبك، منها 174 هكتاراً في المراح.
ثم بدأت فعاليات المهرجان المتعددة والمرتبطة بهذا المكون التراثي والاجتماعي، باستعراض بعض اللوحات الفنية الفلكلورية التي قدمها أطفال القرية أمام الحضور، وعدد من الفقرات الفنية، وعروض مسرحية وغنائية من التراث والتي تعبر عن رمزية الوردة الشامية وأهميتها ومدلولاتها، إضافة لإقامة معرض لأهم منتجات الوردة.
يذكر أن الأمانة السورية للتنمية قامت في عام 2018 بترشيح الوردة الشامية وما يرتبط بها من ممارسات في قرية المراح كعنصر تراثي ليتم مناقشة إدراجها على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي الإنساني خلال عام 2019 بغية تصدير هذه الثقافة والتجربة السورية، حيث يلقى مشروع الوردة الشامية الاهتمام الكبير من مختلف برامج الأمانة السورية للتنمية ولا سيما برنامج مشروعي الذي يعمل على تقديم السلف غير الربحية لمزارعي الوردة بهدف زيادة المساحات المزروعة بها، والشركة السورية للحرف التي تعمل على تسويق منتجات الوردة بطريقة تضمن انتشارها واستخدامها من قبل مختلف فئات المجتمع، علماً أن زراعة الوردة الشامية أسهمت في زيادة شهرة القرية ليس فقط على مستوى سورية بل على مستوى العالم، وباتت تعد أبرز مكونات هذا التراث بعد إدراجها على قائمة التراث اللامادي في منظمة اليونيسكو عام 2019 بجهود الجهات المعنية الرسمية والأهلية لتثبت حق سورية بهذا المنتج الذي جاب العالم.