“منتدى فالداي”: روسيا وآسيا الوسطى.. شراكة تفرضها المتغيرات الدولية

الثورة – ترجمة ميساء وسوف:

تشكل روسيا وآسيا الوسطى، بسبب قربهما السياسي والاقتصادي والبنى التحتية، مساحة سياسية واقتصادية ودفاعية مشتركة، ويتم تسهيل ذلك من خلال تاريخهما المشترك الطويل، كونهما جزءاً من نفس الدولة. يتم تحديد تراثهم المشترك من خلال الجغرافيا، لأن آسيا الوسطى هي جهة جنوبية ذات أهمية استراتيجية لروسيا، أما بالنسبة لدول المنطقة، الواقعة في وسط أوراسيا، فإن أراضي روسيا هي أهم منطقة عبور.
يفرض الفضاء الاقتصادي المشترك الحاجة إلى تنسيق الجهود لخلق أفضل الظروف للتنمية الاقتصادية من خلال مشاريع التكامل وتشكيل الإطار التنظيمي والقانوني الضروري. يعتبر الاتحاد الاقتصادي الأوراسي هو الرائد في عملية التكامل في المنطقة (كازاخستان وقيرغيزستان عضوان كاملان على قدم المساواة مع روسيا).
بالنسبة لكل دولة في المنطقة تقريباً، تعد روسيا شريكًا تجارياً ومستثمراً رئيسياً، وتمثل هذه البلدان بدورها سوق مبيعات مهماً للشركات الروسية، فضلاً عن الموردين الاستراتيجيين الرئيسيين لأنواع معينة من الموارد الطبيعية، كما أنها أهم قاعدة عمل خارجية للاقتصاد الروسي.
كما يوجد بين روسيا وآسيا الوسطى أيضاً مساحة أمنية مشتركة، حيث كشف العام الماضي الكثير عن التحديات الخارجية والداخلية للاستقرار والأمن في المنطقة. فقد صعدت حركة طالبان (المحظورة في روسيا) إلى السلطة بعد الانسحاب السريع للقوات الأمريكية من أفغانستان، في حين تم التعامل مع الاضطرابات في كازاخستان في أوائل عام 2022 بنجاح من خلال العمل المشترك لروسيا وشركائها الدفاعيين في آسيا الوسطى. رداً على الأحداث في أفغانستان، كثفت منظمة معاهدة الأمن الجماعي تعاونها في مجال الدفاع؛ فقد أجرى اتحاد الدفاع الرئيسي في المنطقة تدريبات مشتركة مع أوزبكستان، ما جعل من الممكن تحديد شكل التعاون العسكري في حالة انتقال النزاع الأفغاني إلى ما وراء الحدود.
يجب أن يضمن هذا المستوى العميق من الاعتماد المتبادل، الطبيعة الإستراتيجية للعلاقات بين دول المنطقة وروسيا ويضمن طبيعة العلاقات القائمة على حسن الجوار. وكانت الأزمة الأوكرانية بمثابة حافز خطير لهذه العملية، ما دفع اللاعبين الإقليميين إلى إعادة التفكير على الأقل في الوضع الراهن.
وعلى خلفية الاضطرابات الجيوسياسية العالية، أصبحت الدول الغربية أكثر نشاطاً بشكل ملحوظ في المنطقة. يتردد المبعوثون الأمريكيون على عواصم آسيا الوسطى، وفي خطاب المسؤولين الأمريكيين والغربيين إشارات حول عدم مقبولية دعم روسيا ومساعدتها في تجاوز العديد من العقوبات الغربية. في الوقت نفسه، تم تقديم مقترحات غامضة تصور مستوى جديداً من التعاون الاقتصادي، ولكن فقط في شكل وعود بمشاريع استثمارية جديدة تجعل من الممكن خلق مظهر بديل للتعاون مع روسيا على الأقل.
من ناحية أخرى، ثبت أن هذا التكتيك فعال للغاية، فجمهوريات آسيا الوسطى تنأى بنفسها قدر الإمكان عن الأزمة الأوكرانية على مستوى البيانات السياسية، في محاولة للحفاظ على الموقف الأكثر حيادية. أما من الناحية الاقتصادية، فقد خلقت القيود الصارمة المفروضة على البنوك الروسية مشاكل خطيرة للمؤسسات المالية الروسية في كازاخستان، كما أصبحت مشكلة المعاملات المصرفية والمالية واحدة من أكثر المشاكل حدة، لاسيما على مستوى الأسرة.
الوضع مماثل في قطاع النقل الجوي التجاري، نظراً لخطر الاستيلاء على الطائرات المستأجرة، تستخدم شركات الطيران الروسية طائرة Sukhoi Superjet الروسية على الطرق مع آسيا الوسطى، ومع ذلك، وبسبب أسطولهم المحدود، فقد انخفض عدد الرحلات بشكل ملحوظ، في ظل هذه الأزمة، علقت عدد من شركات الطيران المحلية رحلاتها إلى روسيا تماماً، ما قلل من حركة المرور الجوية.
أما فيما يتعلق بالاضطرابات الجيوسياسية الخطيرة، فإن أي مشاورات أو اجتماعات مع المسؤولين والخبراء تجعل من الممكن البحث المشترك عن خيارات للتعاون وسط ظروف جديدة وصعبة، كانت هذه القضايا موضوع المؤتمر الثاني لآسيا الوسطى لنادي فالداي للحوار، الذي انعقد في نيجني نوفغورود في منتصف شهر الماضي، كان موضوع الحدث هذا العام هو “روسيا – آسيا الوسطى: التعاون والتنمية وسط عدم الاستقرار”، والذي أصبح دليلاً آخر على أنه حتى أثناء الأزمات، فإن روسيا تتمتع مع أقرب شركائها وحلفائها بالإرادة السياسية والصيغة اللازمة لمناقشة أصعب القضايا وأكثرها حيوية.
كما أظهر المؤتمر، أن علاقات روسيا مع جيرانها في آسيا الوسطى لها أجندتها الغنية للغاية وتتجاوز إلى حد بعيد القصة الإقليمية البحتة، إن تحول السياسة الخارجية الروسية نحو الشرق، الذي أُعلن عنه في وقت سابق، أصبح اليوم أكثر أهمية؛ وهو غير ممكن بدون إعادة العلاقات مع الشركاء الاستراتيجيين في آسيا الوسطى، والتي ينبغي أن تصبح منطقة عبور رئيسية، ورابطاً بين روسيا ودول جنوب آسيا.

لهذا السبب، بالإضافة إلى قضايا التفاعل مع دول المنطقة، تركزت إحدى القضايا الرئيسية على جدول الأعمال حول مناقشة مشتركة لتضمين تركيز آسيا الوسطى للسياسة الخارجية لروسيا في اتجاه شرقي عالمي أكثر.
المصدر: Valdai Club

آخر الأخبار
محافظ درعا يعد بتنفيذ خدمات خربة غزالة الاقتصاد السوري.. المتجدد زمن الإصلاح المالي انطلاق الماراثون البرمجي للصغار واليافعين في اللاذقية محليات دمشق تحتفي بإطلاق فندقين جديدين الثورة - سعاد زاهر: برعاية وزارة السياحة، شهدت العاصمة دم... السفير الفرنسي يزور قلعة حلب.. دبلوماسية التراث وإحياء الذاكرة الحضارية تحضيرات لحملة مكافحة الساد في مستشفى العيون بحلب 317 مدرسة في حمص بحاجة للترميم أردوغان: لا مكان للتنظيمات الإرهابية في مستقبل سوريا  من العزلة الى الانفتاح .. العالم يرحب " بسوريا الجديدة" باراك: نتوقع تشكيل حكومة سورية شاملة قبل نهاية العام أهالي قرية جرماتي بريف القرداحة يعانون من انقطاع المياه "الأمم المتحدة" : مليون  سوري عادوا لبلادهم منذ سقوط النظام البائد  "إسرائيل " تواصل مجازرها في غزة.. وتحذيرات من ضم الضفة   "فورين بوليسي": خطاب الرئيس الشرع كان استثنائياً بكل المقاييس  فوز ثمين لليون وبورتو في الدوري الأوروبي برشلونة يخطف فوزاً جديداً في الليغا سلة الأندية العربية.. خسارة قاسية لحمص الفداء  رقم قياسي.. (53) دولة سجّلت اسمها في لائحة الميداليات في مونديال القوى  مع اقتراب موسم قطاف الزيتون.. نصائح عملية لموسم ناجح "جامعة للطيران" في سوريا… الأفق يُفتح بتعاون تركي