الثورة – ترجمة ختام أحمد:
في العام 2021 فشل أردوغان في الحصول على ضوء أخضر من روسيا وأمريكا في إنشاء “منطقة آمنة” بعمق حوالي 30 كيلومترًا على طول الحدود السورية، وعادت الخطة، التي تستهدف المناطق التي تسيطر عليها “قسد: المدعومة من واشنطن، إلى الطاولة وسط ما تعتبره أنقرة ظروفًا أكثر ملاءمة منذ الحرب في أوكرانيا.
يعتقد أردوغان أن انشغال العالم بالحرب الأوكرانية يمكنه من المضي قدمًا في سورية، بالإضافة إلى مسألة انضمام كل من فنلندا والسويد إلى الناتو واستخدامها كورقة مساومة.
وفقًا لحسابات أنقرة، يمكن لواشنطن أن تدعم تحركاً تركياً في سورية لتمهيد الطريق أمام توسع تاريخي لحلف شمال الأطلسي، واعتمادًا على الأهداف التي تحددها تركيا، يمكن أن تتماشى العملية مع الخطط الأمريكية لفتح جبهة ثانية لروسيا في سورية ردًا على حربها في أوكرانيا، إضافة إلى ذلك، تعتقد أنقرة أن روسيا منشغلة بأوكرانيا وكل تركيزها هناك، ولن تكون على استعداد لإثارة غضب تركيا لأنها وفرت لها شريان الحياة ضد جميع العقوبات الغربية.
أما داخلياً وفي ظل الضغوط المتزايدة على استضافة تركيا للاجئين السوريين، يربط أردوغان بين خطة التوغل وهدف إعادة اللاجئين، مع إضعاف تركيز الجمهور على المشاكل الاقتصادية المتفاقمة في البلاد.
ولحشد الدعم الشعبي، يحاول أردوغان إقناع الجمهور أن العملية العسكرية ستوفر مساحة آمنة للاجئين من أجل العودة، وتتطلع تركيا للسيطرة على تل رفعت ومنبج غرب الفرات وكوباني (عين العرب) وعين عيسى وتل تمر شرقي النهر.
تفصل مدينة عين العرب الحدودية المناطق التي سيطرت عليها تركيا نتيجة عمليتي ما سمتهما “درع الفرات” و”نبع السلام”، وتخضع اليوم لحزب “العمال الكردستاني” المصنف كجماعة إرهابية في تركيا، وتدخلت الولايات المتحدة فيها لأول مرة بزعم مساعدة “قسد” ضد حصار تنظيم داعش عام 2014.
عين عيسى وتل تمر، إلى الجنوب من تل أبيض ورأس العين، التي سيطرت عليها تركيا في تشرين الأول 2019، مهمة من حيث تأمين الطريق السريع M4 الاستراتيجي وفصل المناطق التي تسيطر عليها “قسد”.
ومع ذلك انتشرت القوات السورية في تلك المناطق بعد العملية التركية، إلى جانب مهام التنسيق والدوريات مع الشرطة العسكرية الروسية، وانسحبت القوات الأمريكية من منبج وكوباني وعين عيسى وتل تمر في ذلك الوقت، ما سهل الاحتلال التركي، ومع ذلك، يتوقع من موسكو ردع تركيا كضامن لكل من اتفاق وقف إطلاق النار في 17 تشرين الأول واتفاق سوتشي في 22 تشرين الأول.
وكانت التحركات الروسية على الأرض ترسم صورة مختلفة عما روجته أنقرة بأن موسكو تتفهم مخاوفها الأمنية، فقد أرسلت روسيا طائرتين حربيتين وست طائرات هليكوبتر إلى مطار القامشلي، وحلقت المروحيات بعد ذلك فوق عامودا والدرباسية وكوباني بالإضافة إلى بعض الخطوط الأمامية وقامت القوات الروسية بتسيير دوريات في الدرباسية.
وبحسب صحيفة الوطن السورية اليومية، أرسلت روسيا قوة عسكرية مؤلفة من عشرات الآليات إلى منطقة جنوب عين عيسى فيما وصفته الصحيفة بأنه تحذير لتركيا.
جاء إعلان أردوغان عن العملية الجديدة في 23 أيار في أعقاب مزاعم بأن القوات الروسية بدأت بالانسحاب من سورية، لكن متحدثًا عسكريًا سوريًا نفى مزاعم إخلاء الروس لمواقعهم في القامشلي وتل تمر وعين عيسى وحلب وإدلب.
في مناطق شرق الفرات، يتعين على تركيا أن تأخذ كلاً من الولايات المتحدة وروسيا في الاعتبار، لكن في تل رفعت ومنبج غربي النهر، قد تغض الولايات المتحدة الطرف عن المناورات التركية.
إن أي عملية تركية جديدة في سورية سوف تواجه مخاطر متزايدة بسبب وجود القوات السورية عند نقاط تقاطع مع “قسد” منذ عام 2019 وفي رسالة إلى الأمم المتحدة عقب تهديد أردوغان انتقدت الخارجية السورية الوجود العسكري التركي وأعمال تركيا في سورية واصفة إياها بـ “العدوان والاحتلال والتطهير الديموغرافي”.
بقلم: جورج أورفاليان
المصدر: al-monitor