مخلفات الحرب.. الرماد القاتل “الحرب الأخرى”

 

الثورة: الدكتور مازن سليم خضور:

تطالعنا الأخبار بين الحين والآخر بأنباء عن استشهاد مجموعة من الأطفال أو أصابتهم إصابات بالغة نتيجة انفجار قنبلة أو لغم أو جسم غريب من مخلفات الحرب وليس آخرها المجزرة التي حصلت بريف درعا والتي راح ضحيتها 11 شخصاً من بينهم نساءٌ وأطفال في حصيلة لم تكن نهائية، كما أصيب 31 شخصاً بجروح متفاوتة الخطورة نتيجة انفجار لغم أرضي في بلدة دير العدس بريف درعا الشمالي.
غالباً ما تكون الحصيلة الأكبر من الشهداء والمصابين من فئة الأطفال والأسباب متعددة نتيجة عدم وعي هذه الشريحة بالعبث بمثل هذه المخلفات وقضاء أغلب الأوقات في اللعب في المساحات الفارغة والمهملة والتي تكون بؤرة لتواجد مثل هذه المخلفات.
وفيما يلي بعض الأخبار التي نقلتها وسائل الإعلام عن هذا الموضوع خلال الفترة الماضية:
• استشهاد طفلين في قرية الفقيع بدرعا نتيجة انفجار مادة من مخلفات الحرب.
• استشهاد 5 مدنيين وإصابة 13 آخرين بانفجار لغم من مخلفات الإرهابيين خلال جمع الكمأة شرق سلمية.
• إصابة طفل بجروح – بتر طرف- جراء انفجار لغم من مخلفات الإرهابيين شرق دير الزور.
• إصابة طفل بجروح نتيجة انفجار لغم من مخلفات إرهابيي “داعش” في منطقة “تلة مراغة ” بريف سلمية.
• إصابة طفل في محيط مدينة إنخل في الريف الشمالي من محافظة درعا نتيجة انفجار مادة من مخلفات الحرب جنوبي المدينة.
التنظيمات الإرهابية عمدت إلى زرع الألغام والعبوات الناسفة في أماكن انتشارها وإخفائها في القرى والبلدات وفي الأراضي الزراعية لإلحاق أكبر قدر ممكن من الضرر بالأهالي الذين يعودون إلى مناطقهم بعد تحريرها من الإرهاب وإلى إبطاء تقدم الجيش العربي السوري الذي عملت وحدات الهندسة فيه على إبطال مفعول عدد كبير من هذه المخلفات التي كانت ستحصد أرواح العديد من المواطنين وأزالت الكثير منها وأدت في بعض الحالات إلى استشهاد عدد من عناصر الجيش العربي السوري أثناء تفكيكها بعد أن قامت التنظيمات الإرهابية بزرعها بطريقة تؤدي إلى حصد أكبر كمية من المواطنين فالبعض من تلك العبوات تم وضعها في حاويات القمامة والبعض على شكل ألعاب الأطفال وتم ربط البعض من العبوات مع بعضها لتنفجر بطريقة تسلسلية وبالتالي عندما يحصل التفجير الأول وتهرع فرق الإنقاذ والمواطنين للمساعدة يكون الانفجار الثاني وهذا ما حصل في أكثر من تفجير، كتفجير مدرسة عكرمة في حمص والذي أدى ارتقاء عشرات المواطنين وإصابة ما يزيد عن المئة والأغلبية من الأطفال في تفجير أول تلاه انتحاري حيث فجر الإرهابيون سيارة مفخخة أمام مدرسة عكرمة الجديدة، وبعدها بدقائق فجر إرهابي انتحاري نفسه أمام مدرسة عكرمة المخزومي للتعليم الأساسي، لإيقاع أكبر عدد من الإصابات بين صفوف المواطنين.
كل هذا يقودنا إلى موضوع ما هي مخلفات الحرب؟
يستخدم مصطلح “مخلفات الحرب القابلة للانفجار” حسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر لوصف مجموعة كبيرة من الأجسام المتفجرة، أجسام غير منفجرة أو متروكة، التي تبقى في منطقة معينة بعد انتهاء النزاع المسلح، وتشمل هذه الأجسام قذائف المدفعية والقنابل اليدوية وقذائف الهاون والذخائر الصغيرة والصواريخ والقذائف وغيرها من الأجهزة القابلة للانفجار.
موضوع مخلفات الحرب ليس بالجديد وهو قديم قدم الصراع والقتال حتى من العصور القديمة حيث كان ينصب للأفراد الشّرَك والكمائن أثناء المعارك وتبقى بعد انتهائها ليتضرر من لا علاقة له بالأمر وهم أناس غير معنيين ولكن مع استخدام البارود في المعارك والديناميت أصبح ضرر المخلفات أضعافاً مضاعفة عما كان عليه. وتشير المعلومات إلى أنه هناك ما يزيد عن 80 بلداً في العالم يعانون من مشكلة مخلفات الحرب والبعض يعانيها منذ عقود.
وتعكس قصص الضحايا الذين وقعوا بسبب مخلفات الحرب في سورية لا سيما الأطفال المأساة الحقيقية التي تعيشها والمعاناة الأكبر للمتضررين خاصة أن الضحايا أعدادهم في تزايد، ممثل اليونيسف في سورية “بو فيكتور نيلوند” قال: ولد حوالي 5 ملايين طفل في سورية منذ عام 2011، ولم يعرفوا شيئًا سوى الحرب والنزاع، في أجزاء كثيرة من البلاد، ما زالوا يعيشون في خوف من العنف والألغام الأرضية والمتفجرات من مخلفات الحرب.
وفي تقرير نشرته اليونيسيف في 15 من آذار عام 2022 أنه بعد مرور 11 عامًا على بدء الأزمة، لا يزال العنف والنزوح ونقص الوصول إلى الخدمات الأساسية يعوق حياة الأطفال، في العام الماضي، فقد حوالي 900 طفل في سورية حياتهم أو أصيبوا، كانت الألغام الأرضية والمتفجرات من مخلفات الحرب والذخائر غير المنفجرة السبب الرئيسي لوقوع هؤلاء الأطفال الضحايا في عام 2021، وهو ما يمثل حوالي ثلث إجمالي الإصابات والوفيات المسجلة، تاركاً العديد من الأطفال بإعاقات مدى الحياة.

هذه الإحصائيات والأرقام وتزايدها يدعونا للعمل بشكل جاد للنظر في هذه المشكلة سواء من خلال حملات إعلامية في الشوارع والطرقات ووسائل الإعلام واستثمار الرسوم المتحركة في ذلك كون الشريحة المستهدفة هي الأطفال والاستفادة من الشخصيات المحببة من الأطفال وإقامة حوارات وبرامج عن هذا الموضوع واستضافة الأخصائيين من جهة وحالات – ضمن ضوابط – نجت من جهة أخرى كذلك العمل على حملات مكثفة في المدارس ودور التعليم لهذه القضية من خلال القصص والتوعية بأشكال هذه المخلفات وإرشاد الأطفال للابتعاد عنها وضرورة إبلاغ الأهل عن وجود أشكال مشبوهة ليتم التواصل مع الجهات المعنية للتعامل مع مثل هذه الحالات والاتصال بالرقم 10.
والاستعانة بالخبرات الدولية والدول والمنظمات المعنية بذلك لتقديم المساعدة التقنية أو المادية أو المالية لتسهيل إزالة مخلفات الحرب القابلة للانفجار، علماً أنه شاهدنا حملات مشابهة لكن يجب تكثيفها بالإضافة إلى الرسائل القصيرة التي ترسل وهذا نموذج عنها: عندما تجد ذخائر متفجرة، ابق بعيداً عنها، وبلغ عبر الرقم المجاني 108.. يمكنك إنقاذ الأرواح، حذر الآخرين من خطر الذخائر المتفجرة.. كن قدوة.. شارك في منع الإصابة والوفاة جراء الذخائر المتفجرة.. لا تقترب.. حذر الآخرين.

آخر الأخبار
مخبز بلدة السهوة.. أعطاله متكررة والخبز السياحي يرهق الأهالي عودة الحركة السياحية إلى بصرى الشام خبير اقتصادي لـ"الثورة": "الذهنية العائلية" و"عدم التكافؤ" تواجه الشركات المساهمة اشتباكات حدودية وتهديدات متبادلة بين الهند وباكستان الرئيس الشرع يلتقي وزير الزراعة الشيباني أمام مجلس الأمن: رفع العقوبات يسهم بتحويل سوريا إلى شريك قوي في السلام والازدهار والاقتصاد ... "الصحة العالمية" تدعم القطاع الصحي في طرطوس طرطوس.. نشاط فني توعوي لمركز الميناء الصحي  صناعتنا المهاجرة خسارة كبيرة.. هل تعود الأدمغة والخبرات؟ ترجيحات بزيادة الإمدادات.. وأسعار النفط العالمية تتجه لتسجيل خسارة تركيا: الاتفاق على إنشاء مركز عمليات مشترك مع سوريا "موزاييك الصحي المجتمعي" يقدم خدماته في جبلة تأهيل طريق جاسم - دير العدس "بسمة وطن" يدعم أطفال جلين المصابين بالسرطان اللاذقية: اجتماع لمواجهة قطع الأشجار الحراجية بجبل التركمان درعا.. ضبط 10 مخابز مخالفة تربية طرطوس تبحث التعليمات الخاصة بامتحانات دورة ٢٠٢٥ مُنتَج طبي اقتصادي يبحث عن اعتراف سوريا أمام استثمارات واعدة.. هل تتاح الفرص الحقيقية للمستثمرين؟ دعم أوروبي لخطة ترامب للسلام بين روسيا وأوكرانيا