الثورة – آنا عزيز الخضر:
الحب ببوحه وشجونه، بأحزانه وأفراحه وأحلامه ومستقبله، لن يجد مجاﻻً واسعاً للانتشار، أكثر من فن المونودراما، فمن خلاله يعبّر عن عالمه الغني والشجي، خصوصاً عندما يكون مجتزأ من أيام الحرب..
هذا ما عبر عنه العرض المسرحي “دائرة النار” الذي هو قيد التحضير للمشاركة في مهرجان المونودرما الذي سيقام في السادس والعشرين من الشهر الحالي، والذي هو أيضاً، من تأليف وإخراج “محمد تلاوي” الذي تحدث عن العرض قائلاً:
“العرض من مسرح المونودراما، ونصه يحمل الكثير من الهواجس في حياة أنثى اسمها “حنين”.. الصبية التي عاشت مرحلة شبابها وحبها ضمن دائرة من الخوف والرعب في زمن الحرب، فوقعت في حبٍّ غريب عجيب.. حبّ يجذبها حيناً ويسكنها في حيرة أحياناً أخرى.. يخلق في دواخلها شيئاً من الهذيان، لتصحو من كوابيس تعيشها بشكل يومي، تسرد لنا قصتها مع حبيبها الذي أرهقته الحياة، وشغلته قصص الرعب التي نعيشها يومياً وكانت شغله الشاغل في البحث والتمحيص، ضمن روايات بشعة يقرؤها كل حين بشكلٍ ملفت وغريب، وقد امتلأت مكتبته بها، ما أثار الخوف والقلق لدى حنين التي أرعبتها محتويات كتبه… “حنين” كانت تحب “مجد” بشكلٍ جنوني، فكلمة حب واحدة منه كانت تغيرها، وتجعلها طفلة تضحك وتلعب وترقص، ولكن سرعان ما تعود إلى حالة القلق والخوف، فهي في زمن الحرب التي تدور في أركان الوطن الذي أحبته.. الوطن الذي تعشق تفاصيله، والذي يحتضن طفولتها وفنها، فهي فنانة تشكيلية رسمت صورة حبيبها ووضعتها على المرسم للتحدث معه، تعاتبه حيناً وتذكّره بحبه لها، وتصرخ في وجهه أحياناً أخرى، وهي دوماً حائرة، حتى وهي تصرخ: “ماذا تريد مني؟!!.. لم هذه الحيرة التي تضعني بها؟!.. لم هذا الغموض؟!!.. هل هي الحرب التي غيرت من نفوسنا؟!.. هل تحبني فعلاً؟. ..
تستمر البطله في عوالم تنقل واقع السوريين، عبر تفاصيل يومها، فتتحدث عن الحب الذي يحرقها، وعن دائرة الخوف التي تلتف حولها، وتجعل أحلامها عبارة عن كوابيس ترعبها، فالدائرة تدور حول حياتنا بكل تفاصيلها، فتحرق جمال الحياة في أرواحنا..
أما مدير الشركة التي تعمل بها، فلم يكن لديه حلول سوى اتخاذ العقوبات التي تنتهي بجعلها تترك عملها، لتتابع بعدها الأخبار عن طريق صديقتها جميلة، ولتشعر في النهاية بأن الأمر بات مرعباً، فهناك عائلات في هذا الوطن تُقتل دون ذنب..
دائرة النار الغريبة البشعة، بدأت تحرق دون رحمة.. حنين تصرخ وتبكي، تخاف وتنام وتصحو على كابوس يذكرها بليلة زفافها…
تتذكر التحضير للعرس وفرحتها، وكيف كانت ترقص في عرسها، لتلاحقها دائرة النار بتفجير يلتهم حبيبها.. تصرخ بكل ما فيها من ألم.. ألم الوطن وكلّ من عشقه ورأى دائرة النار تطوق أركانه..
تتذكر أن حبيبها أهداها علبة من الألوان في يوم من الأيام، تقرؤها بحب، وتقرأ في حروفها أن الحياة جميلة، وأن الأجمل ألوان الفرح التي يجب أن تتمسك به رغم الألم.
تتمسك بأمل أن القادم أجمل، وبأن الوطن هو نحن، وبأن علينا ألا نستسلم للخوف، وألا ندع دائرة النار تلتهم نفوسنا فنموت..
تمسك “حنين” الريشة من جديد، لتلون فضاء المسرح بالفرح، فكلمات “مجد” جعلتها تنثر الياسمين، فيعود الأمل وتباً لمن أشعلوا النار ….
دائرة النار هو تجربتي الأولى في كتابة النص المسرحي، وقد ولد النص من خلال جلسة نقاش في مسرح المونودراما، فكانت فكرة النص للكاتبة “رغد الجاجة”، وقد قمت بصياغتها في نص مسرحي “مونودراما” وكان من جسد دور “حنين”، الفنانة “غدير حمشو”.