تكشف تفاصيل خطط الجهات العامة على ان عبارات مثل، إعادة تأهيل، صيانة الخطوط، إصلاح ما تم تخريبه وغير ذلك من العبارات، هي القاسم المشترك بين خطط هذه الجهات.
كثير من معامل الجهات العامة وخطوط إنتاجها انتهى عمرها الزمني منذ سنوات طويلة، و لن تنفع كل أعمال الصيانة وستصل إلى حالة المريض الذي نجحت عمليته الجراحية ولكنه مات، ولدينا في الكهرباء مثل صارخ وفاقع، فكل الصيانات لم تنجح في إيقاف التراجع عند حد معين فكيف لها ان تنجح في تحسينه؟
البلد ليس بحاجة إلى إعادة تأهيل، البلد بحاجة إلى مشاريع جديدة، تتواءم مع متطلبات التطور التقني وتغير الأولويات في هذا العالم المتلاطم.
الإنسان العادي يقول : “إذا سيارتك بلشت تتصلح ، بدلها” فهل يُعقل ان يتم صرف ميزانيات عالية لتأهيل خطوط إنتاج لا يكفي إنتاجها العاملين عليها وبتكاليف مُضاعفة؟ وعلى ذلك يُمكن أن نسأل أين هو إنتاج القطاع العام في الأسواق، أليس من الإدانة ان كل إنتاج القطاع العام له سوق سوداء؟ من المياه المعبأة إلى الإسمنت ، أو أن منتجاته متدنية الجودة والمواصفة كالدخان مثلا.
البلد يحتاج اليوم إلى مختصين في كل قطاع لإنجاز دراسات مُشعبة مُدعمة بتقنين وبتعويضات مالية مجزية لإعداد خطط مواكبة لزمننا واحتياجاتنا ومماثلة على الأقل لما يغزونا من الأسواق الخارجية.
مشكلتنا الحقيقية في إعداد الدراسات التي يُكلف فيها موظفون بدون تعويضات مناسبة ودون إفصاح عن الغاية والأهداف، والأهم أن الدراسات وتكاليف المشاريع تكون مبالغها محددة مُسبقا ولذلك نرى مشاريعنا يتم دراسة توسيعها قبل حتى أن تبدأ بالإنتاج، وترميمها قبل أن يتم استلامها النهائي، لأن الدراسة تمت على اساس المبالغ المتوفرة وليس حاجتها والهدف منها.
لدينا مشروعان يعبران عن أهمية الدراسات في نجاح المشاريع المُنفذة بتحقيق أهدافها، وهما مكتبة الأسد ومشفى الأسد الجامعي بدمشق، فهذان المشروعان نفذت دراستهما شركات دراسة مُختصة خارجية وباعتماد كبير على خبراتنا وكوادرنا المحلية ، فهذان المشروعان وبعد عشرات السنين ما زالا يحققان الأهداف وبتميز لأن الدراسات كانت مُكتملة وفق الأهداف الواضحة التي تمت الدراسة على أساسها.
دراسات مشاريعنا تنجز اليوم بتكليف عدد من الموظفين بإعدادها وفقا لرغبات الإدارات الشخصية وبناء على مبالغ محددة مُسبقا ،فكيف لنا أن نبني ونعمر وننافس؟
يبدو أن السمع لدى الكثير من المعنيين أصبح فعلا إراديا، يسمعون ما يناسبهم ولا يسمعون صوت الواقع الصارخ بأخطاء ندفع ثمنها وليس لها علاقة بكل المبررات التي يقدمونها.
السابق