لا يحب الناس عادة مذيعي النعيات، ولا صفحات الوفيات في الصحف الورقية، رغم أن الجميع ينصت ويهتم لما يحمله المذيعون والصفحات من معلومات.
السر في الموضوع هو “الطاقة السلبية” التي تتسلل إلى دواخلنا من مشاهد أم مواقف أو ظواهر، وتفعل فعلها من رضوض من الصنف المعنوي، وتضيق ساحة الشعور، وتحجب آفاق التفكير عن إمكانية إيجاد مخارج حقيقية للأزمات مهما كبرت أو صغرت.
منذ أيام تتداول وسائل التواصل الاجتماعي صور إتلاف المزارعين لمحاصيلهم نتيجة تدني أسعارها، وكانت المفاجأة أن الصور تعود إلى سنوات سابقة، فما هو الهدف من إعادة نشرها وتكرارها بهذا الشكل المكثف؟
هل هو شيء منظم وممنهج.. أم يهدف إلى مجرد حصاد “اللايكات” ودعم وصول المنشورات..أم هي الطاقة السلبية التي تستحكم بطيف واسع من البشر هذه الأيام، ليس في بلادنا فحسب بل في معظم أقاليم هذا العالم بسبب نذر اتساع دوائر الحروب وازدياد رقعة التوتر عالميا؟
ينصح الحكماء دوما بالنظر إلى النصف الملآن من الكأس، وتوخي الإمعان في المشاهد الإيجابية، حتى إن أحدهم ينصحنا إن رأينا آثار جروح على أحدهم، أن نغبطه لأنه ناج وليس جريحا.
ليست محاولة ذر للرماد في العيون، بل دعوة للاحتفاظ بما تبقى من طاقات إيجابية، لأننا جميعا بأمس الحاجة لها كي تسعفنا في إيجاد الحلول لمشكلاتنا التي يبدو أنها ترفض أن تأتي فرادى..
عندما نركز على البحث عن آفاق الحل لمشكلاتنا..سنجد حلولا حتى ولو كانت على الصعيد الفردي الشخصي..
فبدلا من صور إتلاف المحاصيل وتكون “تريند” على وسائل التواصل، كان من الأفضل أن ننظم حملات توعية للاستفادة من المحاصيل عن طريق حفظها إما تجفيفا أو تخليلا أو أو …الخ.
بعض الخبراء التنمويين ذهبوا في هذا الاتجاه، لكن التيار السلبي -ربما العفوي- يغلبهم أحيانا.
نحتاج اليوم إلى حملات توعية منظمة ومدروسة لتعميم الحلول التدبيرية لمعظم المشكلات التي تعترض يومياتنا، فكما يقال: لاتوجد مشكلة بدون حل.. والحل دوما موجود يتزامن مع أي مشكلة، مع فارق أن المشكلة تقدم نفسها، أما الحل فعلينا أن نبحث عنه.
التالي