الثورة – فاتن أحمد دعبول:
اتهمه النقاد بأنه قاص مهموم بالوطن، فيقول “المهموم بالوطن ليس تهمة، بل هو أقل الواجب أن نحب الوطن الذي منه نبتنا، وعليه نعيش، وبه نحيا، وعليه سنموت، وأقل ما نعطيه للوطن هو التفاني في محبته والدفاع عنه”.
الروائي العربي الفلسطيني الزائر لسورية صبحي فحماوي حل ضيفاً على فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب، للوقوف عند تجربته السردية، بإدارة الإعلامي ملهم الصالح وإشراف د. إبراهيم زعرور.
وقد رحب رئيس فرع دمشق د. إبراهيم زعرور به وبالحضور وأشار بدوره إلى طبيعة العلاقة السورية الفلسطينية حضارياً وتاريخياً وثقافياً واجتماعياً وغير ذلك، ونوه إلى أهمية أعمال الروائي العربي الفلسطيني، وأنها تستحق هذه الرعاية التي احتضنها اتحاد الكتاب العرب بفرع دمشق وبرعاية المكتب التنفيذي مع الأمانة العامة لاتحاد الكتاب والأدباء الفلسطينيين ضمن الأعمال المشاركة التي تتم بالتنسيق في مختلف الأنشطة الثقافية والسياسية والفكرية والاقتصادية وسواها.
د. عبد المحسن: تمتاز بالجاذبية والحيوية
وفي قراءته النقدية لرواية” قاع البلد” قسم د. محمد حسن عبد المحسن تحليله للرواية من خلال أربعة فصول، أوجز في الفصل الأول ملخصاً للرواية ومضامينها من أحداث وشخصيات وزمان ومكان، وتناول في الفصل الثاني بعض جوانب الشكل الفني للرواية من لغة وسرد وحوار، وخصص الفصل الثالث لتوضيح مواطن التناص في الرواية، ووقف في الفصل الرابع على شعار الرواية” المقاومة الفلسطينية هي الحل”.
وبين بدوره أن الكاتب فحماوي تعامل مع المكان” فلسطين” بحرية نابعة من عشقه لكل جزئياته وتقصيه لمعظم الحوادث في الداخل الفلسطيني وخارجه، واهتم بالوصف الحسي المادي، مما يثير الحواس الخمس لدى القراء، وزين” فلسطين” بجملة من القيم لا تشيخ، و عني بتصوير جزئيات وتفاصيل دقيقة تشد الاهتمام من مثل سياسة التهجير وغيرها.
وقد اعتمد الكاتب في أسلوبه على الجمع بين الأضداد” الفرح مع الألم، السعادة مع الشقاء” ولجأ إلى أسلوب السخرية والتهكم الذي كان عماد روايته، وكثرت في روايته الصور الفنية والتشبيهات والاستعارات والكنايات، كما امتلأت بنيته الفنية بالمشاهد والحوارات.
واستطاع الكاتب فحماوي أن يجعل من المكان جزءاً مهماً في الرواية وحاملاً للقيم، وقد وظفه بهدف فكري، وقد أعطاه قيمة فنية وفكرية فاعلة ليخدم عمله الأدبي.
وأما ما يخص لغة الرواية فقد تجلى التثاقف والتلاقح الفكري باتخاذه بعض السمات الثقافية والأنماط الاجتماعية السائدة في الوطن العربي، وقد اعتمد اللغة السهلة والأسلوب السردي العربي الذي يترك مساحات فارغة ليتمكن المتلقي من ملئها بخياله.
ويخلص د. عبد المحسن في قراءته إلى أن المتأمل في أعماق مفردات رواية” قاع البلد” وتعبيراتها، يدرك فرصة التأمل في الذات والدوافع والرغبات، وهي نفحات أمل مرسومة بأحرف صبحي فحماوي المتألقة.
أحمد علي هلال: علامة فارقة
ويتوقف الناقد أحمد علي هلال في دراسته عند رواية” حدائق شائكة” للروائي صبحي فحماوي ويرى فيها أنها تدخل في سياق من اشتغالات فكرية واجتماعية وثقافية بامتياز.
ويقول: هي رواية تجهر بالتغير في الثقافة والمزاج الجماهيري وأكثر من ذلك بصراع الخير والشر، كما النقاش والحوار الذي تثريه الرواية كقيمة مضافة، ستحمل ثيمة الاستشراف والتنبؤ، لتغدو بنسيجها الروائي الواقعي، مدونة عمل عليها الروائي صبحي فحماوي، يتخللها امتزاج الشفوي بالقصصي، وتنزع إلى إحياء بعض الأمثال الشعبية، واقتباسات من الأغاني ودمجها في النص، لنفاجأ أنه يكتب في نهاية الرواية” الرواية لم تتم”.
وتحيلنا رواية” حدائق شائكة” إلى متخيل صبحي فحماوي في المدينة الأسطورة، يصف فيها العولمة المتوحشة وفساد رأس المال والشخصيات الهشة في مواقفها وصراعاتها من أجل الاستحواذ على المال، وما تعكسه الرواية من رؤيا في الواقع وما بعده، كل ذلك نشهده بفنية ومفارقات وحس السخرية والطرافة، ما يجعل من سرديته أرضاً خصبة لحدائقه المعلقة وليس الشائكة فحسب، بنزهاتها المعرفية والجغرافية، ربطاً بتحولات القضية الفلسطينية ومصائرها.
ويضيف هلال: هذه الرواية السردية الفلسطينية بواقعيتها وأسطورتها هي ما يشكل علامة فارقة في تجربة الروائي فحماوي وثيماته الناهضة في حيزها الدلالي، رواية المثقف في الزمن المختلف.
أعمال استحقت التقدير
وتوقف مدير الندوة ملهم الصالح عند رواية “هنيبعل الكنعاني” الرواية الأحدث، وأن الكاتب يذهب في هذه الرواية إلى بدايات مملكة كنعان في صور ويتحدث عن سبب هجرة جزء من هذه المملكة إلى تونس، وبنوا مدينة قرطاجنة، هذا الربط المذهل ليدلل على أن البحيرة المستحلة والتي أطلق عليها البحر الأبيض المتوسط، ما هي إلا بحيرة كنعانية، والكاتب دائم النبش في التاريخ الكنعاني، وهنيبعل هو من دافع عن قرطاجنة، لكنه انتهى بطريقة مأساوية، والروائي قدم ذلك بطريقة الراوي السائح، وقد امتاز الفحماوي باستحضار شخصيات تاريخية إلى رواياته ويحاورها بطريقة تجذب القارىء.
وبين الكاتب في حديثه عن الرواية أن هذا الشخص قضى 43 سنة من حياته يحارب الغرب، ويقف في وجه توحشهم، وهي شخصية لم تحظ بالاهتمام عند الكتاب العرب بما يليق بها، لذلك سبر أغوار هذا القائد العظيم. وأوضح أنه لابد من العودة للتاريخ وتصحيح ما كان مغلوطاً فيه، وقرأ بدوره بعضاً من روايته هنيبعل الكنعاني، وشرح بعض الأحداث الواردة فيها..