عندما تسأل عن مجالس رجال الأعمال “دورها ـ حضورها ـ نشاطها ـ تشبيكها ـ صفقاتها ..” يأتيك الجواب سريعاً أن ظروف الحرب وتداعياتها فرملت عمل تلك المجالس وجعلتها “لا حول لها ولا قوة” ..
هذا في أيام الحرب، أما خلال أيام الحب والانتعاش الاقتصادي فلا تحاول أن تسأل عن إنجازات تلك المجالس وروزنامة الحركة الاستيرادية والتصديرية التي عجت بها الموانئ البحرية والجوية والبرية، لأنك لن تجد من مجيب، وتحديداً من رؤساء وأعضاء تلك المجالس الذين لا بوصلة لهم من خوض هذه التجربة إلى العلاقات العامة، وحفلات الكوكتيل، وموائد الغداء، وسهرات العشاء، وتبادل “الكادويات .. الهدايا”، وسفرات السياحة والاستجمام، وإبرام العقود الفردية والصفقات الشخصية “غير العلنية” التي تعود عليهم وعلى أرصدتهم البنكية بالنفع والفائدة.
البعض وصف تلك المجالس بـ”المضافات”، والبعض قال إنها “شكلية ليس إلا”، وثالث أكد أن لا هدف من إنشاء تلك المجالس إلا ضمان حصول أعضائها على “فيزا دائمة للتنقل والترحال” إلى جانب الوفود الحكومية، و”كرت مفتوح” للحصول على قائمة التسهيلات والامتيازات التي يجاهدون للحصول عليها، بشكل مناقض جملة وتفصيلاً للغاية المرجوة والهدف المنشود منها، وهو العام لا الخاص على الإطلاق.
هذه الأسباب مجتمعة هي التي دفعت بمجلس الوزراء إلى تشكيل لجنة إشراف ومتابعة لأعمال ونشاطات مجالس الأعمال السورية المشتركة مع الدول الصديقة برئاسة وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية وعضوية غرف التجارة والصناعة، ليس للإشراف لمجرد الإشراف أو الرقابة، وإنما بهدف تحقيق الاستفادة الكاملة من هذه المجالس لجهة خلق قنوات تنمية اقتصادية، وتحريك مياه التبادل التجاري شبه الراكدة، وجذب واستقطاب المشروعات الاستثمارية المشتركة.
حديثنا عن غياب لا تغييب مجالس رجال الأعمال “كل المجالس” بالأمس واليوم، لن يكون له أي صوت إيجابي ولا حتى صدى، فما يهمنا مستقبلاً “اعتباراً من يوم غد” هو نفض غبار المصالح الشخصية الضيقة جداً عن تلك المجالس، وتفعيل دورها وحضورها وتواجدها على الساحتين العربية والدولية، وأخذ موقعها الحقيقي لا الخلبي ـ المصلحي في تنمية ودعم اقتصادنا الوطني الذي كان ومازال يترقب وبشغف كبير تلقف ثمرة حراك ليس فقط مجالس رجال الأعمال، وإنما الجاليات المغتربة أيضاً، والبعثات الدبلوماسية كذلك، كون المسؤولية جماعية ومشتركة، والفائدة والمنفعة كذلك.