الثورة- تحليل لميس عودة:
تحاضر أميركا بحقوق الإنسان وهي غارقة في وحل انتهاكاتها، تتشدق بالحريات والديمقراطية وإناء تعدياتها يطفح إرهابا وعنصرية، تدعي زورا أنها مع حظر الأسلحة المحرمة ومنع انتشار الأسلحة النووية، وتاريخها حافل باستخدام القنابل الذرية والكيماوية والغازات السامة والفوسفور الأبيض، ومجازرها مثبتة بالبراهين والشواهد الحية، وسلسلة إرهابها ممتدة من هيروشيما وناغازاكي إلى فيتنام وديسلدرن إلى العراق وسورية، وضحايا وحشيتها بالملايين لا يحجبهم غربال تضليل وادعاءات إنسانية كاذبة ومسيسة.
والأدهى من ذلك تحابي واشنطن مجرمي الحرب الصهاينة ولا تتطرق أبدا إلى ترسانة “إسرائيل” النووية الأضخم في الشرق الأوسط والأكثر خطرا، ولا يثير استياء إداراتها عدم السماح لمفتشي هيئة الطاقة الذرية أو منظمة حظر الأسلحة النووية تفتيش منشآتها النووية ورفض المكاشفة بمخزون الاحتلال الهائل منها.
فكيان الإرهاب الصهيوني يرفض الانضمام إلى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية رغم مطالبات المجموعة العربية في الأمم المتحدة أكثر من مرة بذلك، وليس آخرها دعواتها في مؤتمر مراجعة معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية المنعقد حاليا بمقر الأمم المتحدة في نيويورك حتى نهاية الشهر الحالي. ورغم ذلك لا تثور حمية أميركا، ولم تفرض عليه عقوبات رادعة، في الوقت الذي تضع فيه عصي التعطيل في إحياء الاتفاق النووي الإيراني رغم سلمية برامج وأنشطة طهران النووية وتعاونها الإيجابي مع المنظمات الدولية.
منتهى العربدة السياسية أن تدعي أميركا على لسان وزير خارجيتها انتوني بلينكن على هامش المؤتمر” التزامها بالحفاظ على هذه المعاهدة المهمة وتعزيزها من أجل الأجيال القادمة” وتدعو لجعل العالم خاليا من الأسلحة النووية، وهي وربيبة إرهابها “إسرائيل” تمتلكان ترسانات ضخمة لأسلحة مدمرة محظورة دوليا، تستخدمانها في حروبهما العدوانية وتضعان من خلالها منطقتنا والعالم على صفيح من تهديد وجودي، وتخرقان بعنجهية المواثيق والاتفاقات الدولية، و تهددان السلم والأمن الدوليين بشكل سافر وصارخ .
إذاً ازدواجية المعايير والتناقضات الصارخة بين النظريات في المعاهدات الدولية والتطبيق العملي، تعري حقيقة أميركا التي تسيس المعاهدات وتفصل العقوبات الجائرة على مقاس عدائها للدول، كذلك تكشف شلل المنظمات الدولية وانعدام فعالية قراراتها الملزمة.
