تتحدث وزارة زراعتنا عن نقص الأعلاف، وكأنها تتحدث عن صعوبة تأمين قطع غيار لطيرانها الشراعي، أو مادة فعالة لاينتجها إلا بلد وحيد في هذا العالم، لزوم تصنيع مبيدات زراعية وأدوية بيطرية من النوع الذي لم نباشر به أو ربما لم نفكر بعد.
وبما أن “الصمت من ذهب والكلام أقل من فضة أحياناً” فقد تسبب الإفراط في التصريحات و بيانات إعلان حالة “الطوارئ العلفية” باحتكار و رفع أسعار المادة، ومن ثم أسعار المنتجات المتعلقة بها، مع كل تصريح.. وبالمناسبة نادراً مايمر يوم من دون تصريح تبريري.
بعيداً عن التفاصيل الكثيرة التي أدمنا الحديث عنها وتفضي كلها إلى شماعة عملاقة اسمها الأزمة “اللعينة”.. لا نظن أن علينا الاستسلام لمثل هذه المبررات والذرائع بما يخص قطاع الأمن الغذائي لبلدنا، قطاع الزراعة الغني والمتنوع والذي كفانا شر الجوع في أصعب ظروف الحصار، فنحن بلد زراعي بامتياز.. مانأكله من أرضنا وجل مانصدره من أرضنا.. بالتالي ثمة منطق اقتصادي يفترض أن علينا أن نكون مصدرين للأعلاف لا مستوردين لها، أما أن تكون -الأعلاف- أزمة بحد ذاتها فهذا يثير تساؤلات كثيرة..!!
بين أعلاف الدواجن والأبقار والماشية فرق لجهة مكوناتها، وإن سلمنا بأن الأولى تحتاج إلى تكنولوجيا عالية وتقانة حديثة ومعجزات لتصنيعها محلياً، ماذا عن أعلاف الثروة الحيوانية؟
ألا يمكن مثلا تخفيض الاحتياجات الكلية منها إلى النصف وأكثر عبر إنتاج مكملات محلية وأحيانا بدائل؟؟
أين اختفى مصطلح “الزراعات العلفية” التي كانت يوماً ما بالإضافة إلى المراعي تكفي كامل قطاع الثروة الحيوانية، خصوصاً أننا نعلم أن الأعلاف المستوردة لم تكن موجودة في بلدنا أساساً؟
تغيرت السلالات – بالنسبة للأبقار- هذه نفهمها وتحتاج للأعلاف المستوردة.. لكن ألا يمكن زراعة المكملات لاسيما وأن الأبقار المستوردة تحتاج إلى الأعلاف الخضراء بنسبة كبيرة يومياً، وعدم وجود الكفاية من هذه الأعلاف هو سبب نفوقها وأمراضها.. وهنا نعود لنسأل هل عجزنا فعلاً عن العودة إلى الزراعات العلفية وما الذي يمنع؟
لدينا مساحات شاسعة من الأراضي المهجورة تحت عنوان “نقص السماد والوقود” ..لكن ماذا لو كانت هذه الزراعات لاتحتاج لا إلى سماد ولا ري وأحيانا بلا حراثة بما أنها الأفضل لتطبيقات مبدأ “الزراعة الحافظة” أي من دون حراثة؟
سلسلة البقوليات العلفية إن صح التعبير – وهي سلسلة طويلة – لاتحتاج إلى تكاليف وهي بحد ذاتها سماد آزوتي للأشجار، أي قابلة للزراعة في بساتين الزيتون والتفاحيات واللوزيات وأراضي البعل السليخ.. خصوصاً في مناطق الاستقرار المطري الأولى، في القنيطرة وفي جبال محافظتي طرطوس واللاذقية وعمقها الممتد حتى حماة وإدلب ومناطق غربي حمص أيضاً، كلها جاهزة لهذه الزراعة وإنتاج محاصيل علفية وتجفيفها -طبيعياً – لتكون علفاً في الشتاء، هكذا كانت التقاليد الزراعية فما الذي تغير؟.
أخيرا.. السؤال الأهم هو ماذا فعلت وزارة الزراعة لإعادة توطين هذه الزراعات.. هل ثمة مايمنع.. هل نحن مخطئون في هذا الطرح..؟
نرجو أن نلقى إجابات مقنعة؟ ونرجو أيضا أن نكون على خطأ.
