الثورة – ترجمة رشا غانم:
لا يُظهر ما يسمى غربياً “الخلاف الروسي الأوكراني” أي علامة على التهدئة، ويرجع ذلك إلى حد كبير لنقص في الجهود الدبلوماسية والإرادة السياسية من قبل الدول المعنية لمساعدة الجانبين على حل خلافاتهما.
وعلى وجه الخصوص، يجب أن تقلق المستجدات التي حدثت في الأيام القليلة الماضية العالم بأجمعه، لأن الصراع يمكن أن يتفاقم أكثر، بل يمتد إلى ما وراء حدود البلدين.
هذا ولا يزال التحقيق جارياً في التخريب المشتبه به لخط أنابيب نورد ستريم الروسي، ومع ذلك، ربما تسبب المسؤولون عن التخريب في تصعيد كبير في الخلاف.
إنّ تداعيات الحادث خطيرة، لأنّ خبراء الطّاقة أعربوا عن قلقهم العميق بشأن تأثيره السلبي على آفاق أمن الطاقة الأوروبية والنمو الاقتصادي، وستتعرض ألمانيا صاحبة أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي للصفعة الأكبر.
كما أنّه لا ينبغي الاستهانة بالتأثير البيئي أيضاً، لأن الخبراء يقولون إن ارتفاع غاز الميثان من سطح البحر إلى الغلاف الجوي يساهم بشكل كبير في ظاهرة الاحتباس الحراري.
وهناك أيضاً قضية ملِّحة تتعلق بأمن وسلامة محطة الطاقة النووية زابوريجيا في أوكرانيا، حيث يمكن أن تحدث كارثة نووية هائلة نظراً للقتال المستمر بين الجانبين.
ومن جهته، حذّر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رفائيل غروسي: “إنّ ما يجري في أوروبا خلال الأشهر السبعة الماضية، يجب أن يكون بمثابة تحذير للجميع من أنهّم، قد يشعلون حرباً عالمية أخرى في أوروبا”، مضيفاً: “أقول هذا لأن البلدان المعنية يبدو، أنها أصبحت عمياء عن المنطق وأقل مساومة”.
ويوضح الخبير: “ربط بعض الأشخاص الذين تحدثت معهم مؤخراً النزاع الروسي الأوكراني بـ “التنافس التاريخي” بين دول المنطقة، في حين تحدث بعض الخبراء السياسيين في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا عن عملية تنازل لحفظ ماء الوجه لكلا الجانبين، فإنّ الخطاب “الصحيح سياسياً” في الغرب اليوم يدور حول هزيمة روسيا، على الرغم من أن الكثيرين يعترفون بأن هذا لا يمكن تحقيقه بسهولة، هذا إن حدث”.
تحول الخلاف الروسي – الأوكراني إلى حد كبير إلى حرب بالوكالة بين روسيا وحلف الناتو بقيادة الولايات المتحدة، ليس هناك شك في أن الأوروبيين سيعانون إذا طال الصراع، في ضوء ارتفاع أسعار الطاقة والتضخم المرتفع والركود الاقتصادي الذي يلوح في الأفق. ناهيك عن التحول الأخضر لدول الاتحاد الأوروبي.
لكنّ ما يتم تجاهله في كثير من الأحيان، وسط كل هذا هو معاناة الناس في بقية العالم، وخاصة في الدول النامية الفقيرة، حيث أصبح ارتفاع أسعار الطاقة، أزمة الغذاء التي تلوح في الأفق، وتباطؤ الاقتصاد تهديداً وجودياً بشكل تدريجي.
فهل يمكن لجميع الأطراف المعنية إعطاء فرصة للسلام؟ فالحوار هو السبيل الوحيد لإيجاد حل سلمي للصراع، ومنع حرب عالمية أخرى قبل فوات الأوان.

التالي