الملحق الثقافي – غسان شمه:
في المعجم الوسيط مادة نمُرَ فلان: غضب وساء خلقه.. وتنمر: تشبه بالنمر في لونه أو طبعه، ويقال تنمر لفلان: تنكر له، وأوعده ومدد في صوته عند الوعيد.
وفي علم النفس التنمر « ضرب من ضروب الأذى اللفظي أو الجسدي أو العاطفي».. وغالباً ما يكون ناتجاً عن مشكلات مثل تدني تقدير الذات، أو التعرض لصدمات، وقد يكون ناتجاً عن ضغوط اجتماعية معينة.. وغالباً ما تقف وراء فعل التنمر أسباب بعيدة الأثر في نفس المتنمر الذي تعرض لأحداث أليمة كانفصال الوالدين، أو تعرضه للتنمر فيكون بمثابة ردة فعل.. وهناك أسباب اجتماعية تعود إلى طبيعة تربية وتنشئة الذكور التي تتسم بالنزعة العدوانية، وهو ليس شيئاً فطرياً وإنما سلوك مكتسب بسبب بنية المجتمعات الذكورية، وهذا لا يعني أن الإناث لا يقمن بالتنمر..
للتنمر مخاطر كبيرة على المستوى النفسي والجسدي، قد تذهب بالبعض إلى رد فعل يتبدى إجراماً، وفي حالات معينة قد يقدم، المتعرض للتنمر باستمرار، إلى الانتحار..
غالباً ما يشعر المتنمر بالقوة والتسلط، وأحياناً يقوم بذلك ليخفي شعوره المرضي، لكن ذلك يؤدي إلى خلق شعور بتدني تقدير الذات لمن يتعرض لهذا السلوك المرضي الناتج أيضاً عن شعور بالتفوق الجسدي والاجتماعي و»الثقافي» ما يجعلنا ندرك مثل هذا التصرف في مختلف ميادين الحياة، وشاهدنا هنا الواقع الثقافي الذي قد يشهد مثل هذا السلوك..
ولعلنا نضرب مثلاً شديد الواقعية حيث نلاحظ في مواقع التواصل الاجتماعي الكثير من هذا السلوك، فحين يقدم أحدهم، أو إحداهن، على كتابة رأي أو وجهة نظر بقضية ما، قد تكون إشكالية، غالباً ما يظهر هذا التنمر بواحدة من أبشع صوره..ويمكن أن نسحب ذلك على مستوى الأفراد والجماعات في ثقافة ما تجاه ثقافة أخرى.. وهو بذلك مرض اجتماعي ونفسي بامتياز آثاره القاسية..
العدد 1116 – 18- 10-2022