ليس عيبا أن نطلق تسمية “مشروعات الفقراء” على المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر.. فهذه ليست تهمة بل تحفيز وخاصية لوضعها في حجرة العناية الرسمية الفائقة، كما أن أصحاب هذه المشروعات لن يكونوا فقراء، بالتالي هي فعلا حالة إغاثة حقيقية من الفقر.
مشروعات الفقراء تتنامى بشكل مقبول لكن ليس من إحصاءات حقيقية ترصدها بدقة، ومازالت مصنفة في سياق اقتصاد الظل الذي تشكل مخرجاته النسبة الأكبر من كتلة الإنتاج الإجمالي طيلة سنوات الأزمة.
في دائرة الظل ثمة الكثير من المبادرات الاستثمارية الصغيرة التي تستحق أن تكون مادة لنشر مايمكن تسميته “العدوى الاستثمارية”.. والغريب أن أحدا لم ير فيها مادة جاذبة لا إعلاميا ولا عبر وسائل الترويج التي تستخدمها الجهات المعنية بالرعاية والإشراف.
في سنوات سبقت أفصح اتحاد المصدرين – قبل حله – عن قوام الصادرات السورية التي ادعى حينها أنها قصدت ٩٠ بلدا في هذا العالم، وكانت المفاجأة أن معظمها منتجات مشروعات متناهية الصغر و”صناعات بيتية” مثل المربيات بأنوعها ومعجون البندورة والفواكة المجففة أيضا بأنواعها الكثيرة والمخللات والمكدوس وقمر الدين، إضافة إلى ماتنتجه الورش الفردية مثل “مناقل وسياخ شي اللحوم والكباب وغير ذلك من الأدوات البسيطة”.. وهذا ليس اكتشافا لأن الجميع يعلم أننا لانصدر المعدات الهندسية والسيارات ولا منتجات اقتصاد المعرفة، ولعل في خارطة طريق المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر وصادراتها، مايدلنا ببساطة على المقومات الحقيقية لاقتصادنا، وما الذي علينا تركيز الاهتمام عليه.
في بلدنا عدد هائل من مشروعات الإنتاج الصغير في الأرياف وضواحي المدن وفي أقبية المناطق السكنية داخل المدن، يكفينا ونحن نزعم التوجه نحو إنعاش هذه المشروعات، أن ننجح في إحصائها وتحديد إحداثياتها ومن ثم تسجيلها وترخيصها “مأسستها” من أجل دعمها بالقروض والمعدات الحديثة لنحصل على منتج وفق مواصفات تسهل وتساعد على تدفقه في قنوات التصدير، بدلا من صعوبة التسويق و الكساد الذي يكون غالبا مشكلة صادمة لأحلام الفقراء أصحاب المشروعات.
لدينا كنوز حقيقية في البيئة السورية المتنوعة والسخية بعطاءاتها، علينا أن نجيد استثمارها ولانتركها عبارة عن موارد مهدورة..فإدارة الموارد بكفاءة عالية هي ماينقصنا اليوم، وهي تهمة علينا أن نتخلص منها دون تلكؤ.
نهى علي